The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 25 من سورة البقرة

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (25)

هو على كل شيء قدير ، قوله (25) «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» يقول فإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم عن المعارضة ، ولن تفعلوا ولن تأتوا بمثله ، فنفى بلن الإتيان في المستقبل كما انتفى في الحال ، فجاء شبه المقحم ، وفيه فائدة الإخبار بعدم المعارضة في المستقبل ، وتأييد أنه خارج عن مقدور البشر ، فتبيّن صدق الرسول عندكم بعدم المعارضة ، فصح عنادكم إن لم تؤمنوا وترجعوا عن ضلالتكم ، فإن لم تفعلو «فَاتَّقُوا النَّارَ» أي اتخذوا الإيمان بما جاء به محمد صلّى اللّه عليه وسلم وقاية من النار «الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ» الذين كفروا بما أنزل عليه «وَالْحِجارَةُ» الآلهة التي عبدوها من دون اللّه ، نكاية لهم حيث زعموا أنها تشهد لهم أنهم على الحق عند اللّه تعالى.

قالوا (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) فاتخذوهم شهداء ، ولذا قال (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) فدخولها معهم زيادة في عذابهم ، وقوله «أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» يعني النار ، وقد يحتمل أن يقول : أعدت الحجارة هنا ، أي هي معدة لعذابهم في النار ، ثم قال (26) «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» الآية ، يقول : وقل للمؤمنين

"وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» الأعمال الصالحة رأسها الإيمان فهي تابعة له ، فالشرط المصحح لقبول جميع الفرائض فرض الإيمان .

فإن الإيمان والإسلام واجب على كل إنسان ، والأحكام كلها الواجبة واجبة على كل إنسان ، ولكن يتوقف قبول فعلها أو فعلها من الإنسان على وجود الإسلام منه ، فلا يقبل تلبسه بشيء منها إلا بشرط وجود الإسلام عنده ، فإن لم يؤمن أخذ بالوجهين جميعا يوم القيامة «أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» الجنة وهي دار السعادة ثماني جنات ، وهي : جنة عدن ، وجنة الفردوس ، وجنة النعيم ، وجنة المأوى ، وجنة الخلد ، وجنة السلام ، وجنة المقامة ، والوسيلة ، وهي أعلى جنة في الجنات ، فإنها في كل جنة من جنة عدن إلى آخر جنة ، فلها في كل جنة صورة .

وهي مخصوصة برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وحده ، نالها بدعاء أمته ، حكمة من اللّه حيث نال الناس السعادة ببركة بعثته ودعائه إياهم إلى اللّه ، وتبيينه ما نزل اللّه إلى الناس من أحكامه ، جزاء وفاقا ، وأرض هذه الجنات سطح الفلك المكوكب ، الذي هو سقف النار ، وجعل اللّه في كل جنة مائة درجة ، بعدد الأسماء الحسنى والاسم الأعظم المسكوت عنه لوترية الأسماء ، وهو الاسم الذي يتميز به الحق عن العالم ، هو الناظر إلى درجة الوسيلة خاصة . ومنازل الجنة على عدد آي القرآن ما بلغ إلينا منه نلنا تلك المنزلة بالقراءة ، وما لم يبلغ إلينا نلناه بالاختصاص في جنات الاختصاص ، كما نلنا بالميراث جنات أهل النار الذين هم أهلها ، وأبواب الجنة ثمانية على عدد أعضاء التكليف فلكل عضو باب ، والأعضاء الثمانية : العين والأذن واللسان واليد

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

الذين عملوا الصالحات قولا يظهر منه السرور على بشرتهم ، وهو «أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» يعني الأنهار المعروفة ، فأتى بحرف العهد والتعريف ، قال تعالى (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) وسيأتي الكلام عليها في السورة التي تذكر فيها ، ولم يعرّف الجنات لأن الأعمال التي تقتضيها لم تفصل ، فتتعرف جنة كل عمل ، وهذه مسئلة عظيمة جليلة الخطب ، عظيمة الفائدة ، لنا فيها باع متسع ، وقد أهملها الناس لعدم استقصائهم على مراتب الآخرة في دار السعادة والشقاء ، ثم قال «كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً» أي كل وقت ، وما هنا ظرفية «قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ» لشبهه في الصورة ، فإن المثل يشبه المثل ، ولا سيما في الأسماء ، فيقولون : هذا تفاح ورمان وغير ذلك ، فإذا طعموه تبيّن لهم الفرق بين المثلين ، كالصلاة تشبه الصلاة الأخرى في

والبطن والفرج والرجل والقلب ، فقد يقوم الإنسان في زمن واحد بأعمال هذه الأعضاء كلها ، فيدخل من أبواب الجنة الثمانية في حال دخوله من كل باب منها ، فإن نشأة الآخرة تشبه البرزخ وباطن الإنسان ، وأما خوخات الجنات فهي تسعة وسبعون خوخة وهي شعب الإيمان ، فلكل شعبة من الإيمان طريق إلى الجنة ، ولأهل الجنات الرؤية متى شاءوا ، والذي تولى بناء الجنات كلها هم الاثنا عشر ملكا ، ملائكة البروج ، إلا جنة عدن فإن اللّه خلقها بيده ، وجعل بأيديهم غراس الجنات ، إلا شجرة طوبى فإن الحق تعالى غرسها بيده في جنة عدن ، وأطالها حتى علت فروعها سور الجنة جنة عدن ، وتدلت مطلة على سائر الجنات كلها ، وليس في أكمامها ثمر إلا الحلي والحلل ، لباس أهل الجنة وزينتهم ، زائدا في الحسن والبهاء على ما تحمل أكمام شجر الجنات من ذلك .

لأن لشجرة طوبى اختصاص فضل بكون اللّه خلقها بيده ، فإن لباس أهل الجنة ما هو نسج ينسج ، وإنما تشقق عن لباسهم ثمر الجنّة كما تشقق الأكمام هنا عن الورد ، وعن شقائق النعمان وما شاكلهما من الأزهار كلها ، هكذا ورد في الحديث الحسن نقلا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم . وأدار بجنة عدن سائر الجنات ، وبين كل جنة وجنة سور يميزها عن صاحبتها ، وسمى كل جنة باسم معناه سار في كل جنة ، وإن اختصت هي بذلك الاسم ، فإن ذلك الاسم الذي اختصت أمكن ما هي عليه من معناه وأفضله «كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً» أي يشبه بعضه بعضا ، فيتخيل أن الثاني عين الأول وليس كذلك بل هو مثله ، والفارق بين المثلين في أشياء يعسر إدراكه بالمشاهدة .

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:إقامة نشأتها ، ولكن الذي يجده المصلي في كل صلاة مختلف باختلاف الأحوال ، فكما كانت الأعمال هنا متشابهة الصور ، كذلك ثمراتها متشابهة الصور ، وكل ذائق يعرف الفرق في الآخرة كما عرفه في العمل في الدنيا «وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ» ولم يقل مطهرات لأن تطهير كل زوجة ما هو تطهير الزوجة الأخرى ، كالجنات سواء وما فيها ، فيقول : كل زوجة مطهرة ، ولو لم يكن كذلك لكان الذوق له من كل واحدة على نسبة واحدة ، ولا تكرار فيها أصلا ، بل ولا في العالم للاتساع الإلهي ، بل نعيم مجدد مع تجدد الأنفاس ، وليس اجتماعه بها الأول شبه الثاني «وَهُمْ فِيها» يعني في الجنة «خالِدُونَ» أي لا يخرجون منها ، قال تعالى (وَما هُمْ مِنْها


المراجع:

(25) الفتوحات ج 3 / 388 - ج 2 / 559 - ج 1 / 668 - ج 3 / 435 - ج 2 / 500

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!