موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأعراف (7)

 

 


الآية: 29 من سورة الأعراف

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)

اختلف في الإعادة ، هل تكون على صورة ما أوجدنا في الدنيا من التناسل شخصا عن شخص بجماع وحمل وولادة في آن واحد للجميع ؟ وهو مذهب أبي القاسم بن قسي ، فإن إحياء الموتى يوم القيامة يكون في الزمان القليل على صورة ما جاءوا عليها في الزمان الكثير ، فإن الإعادة إن لم تكن على صورة الابتداء وإلا ليست بإعادة ، أو يعودون روحا إلى جسم ؟ وهو مذهب الجماعة ، فقوله تعالى : «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» يعني في النشأة الآخرة أنها تشبه النشأة الدنياوية في عدم المثال ، فإن اللّه أنشأنا على غير مثال سبق ، وكذلك ينشئنا على غير مثال سبق ، فقوله : «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» يعني في النشأة الآخرة أنها تشبه النشأة الدنياوية في عدم المثال ، فإن اللّه أنشأنا على غير مثال سبق ، وكذلك ينشئنا على غير مثال سبق ، فقوله : «كَما بَدَأَكُمْ» يعني على غير مثال «تَعُودُونَ» على غير مثال ، يعني في النشأة الآخرة ، فإن الصورة لا تشبه الصورة ، ولا المزاج المزاج ، وقد وردت الأخبار الإلهية بذلك على ألسنة الأنبياء عليهم السلام وهم الرسل ، فالنشأة الآخرة ليست من مولدات العناصر بل هي من مولدات الطبيعة ، فلذلك لا تنام ولا تقبل النوم ، فلا ينام أهل الجنة في الجنة ، ولا يعيب عنهم شيء من العالم ، بل كل عالم من حس ومعنى وبرزخ مشهود لهم ، مع كونهم غير متصفين بالنوم ، فإن قيل : فما فائدة قوله : «تَعُودُونَ» ؟ قلنا : يخاطب الأرواح الإنسانية أنها تعود إلى تدبير الأجسام في الآخرة كما كانت في الدنيا ، على المزاج الذي خلق تلك النشأة عليه ، ويخرجها من قبرها فيها ، ومن النار حين ينبتون كما تنبت الحبة تكون في حميل السيل ، مع القدرة منه على إعادة ذلك المزاج ، لكن ما شاء ، ولهذا علق المشيئة به فقال تعالى : «إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ» يعني المزاج الذي كان

عليه ، فلو كان هو بعينه لقال (ثم ينشره) فكان قوله تعالى : «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ»

[ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» ]

هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ» وقوله : «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا»

وقد علمنا أن النشأة الأولى أوجدها اللّه على غير مثال سبق ، فهكذا النشأة الآخرة يوجدها اللّه تعالى على غير مثال سبق ، مع كونها محسوسة بلا شك ، وقد ذكر صلّى اللّه عليه وسلم في صفة نشأة أهل الجنة والنار ما يخالف ما هي عليه هذه النشأة الدنيا ، فعلمنا أن ذلك راجع إلى عدم مثال سابق ينشئها عليه ، وهو أعظم في القدرة ، فينشئ اللّه النشأة الأخرى على عجب الذنب الذي يبقى من هذه النشأة الدنيا ، وهو أصلها ، فعليه تركيب النشأة الآخرة ، وهو لا يبلى ولا يقبل البلى ، فإذا أنشأ اللّه النشأة الآخرة وسواها وعدلها ، ينفخ إسرافيل نفخة واحدة ، فتمر تلك النفخة على الصور البرزخية فتطفئها ، وتمر النفخة التالية وهي الأخرى إلى الصور المستعدة للاشتعال وهي النشأة الأخرى فتشتعل بأرواحها ، فإذا هم قيام ينظرون ، فتقوم الصور أحياء ناطقة بما ينطقها اللّه به ، فمن ناطق بالحمد للّه ،

ومن ناطق يقول : من بعثنا من مرقدنا ؟

ومن ناطق يقول : سبحان من أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ، وكل ناطق ينطق بحسب علمه وما كان عليه ، ونسي حاله في البرزخ ، ويتخيل أن ذلك الذي كان فيه منام ، كما تخيله المستيقظ ، وقد كان حين مات وانتقل إلى البرزخ كأن المستيقظ هناك وأن الحياة الدنيا كانت له كالمنام ، وفي الآخرة يعتقد في أمر الدنيا والبرزخ أنه منام في منام ، وأن اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة ، وهي يقظة لا نوم فيها ، ولا نوم بعدها لأهل السعادة ،

لكن لأهل النار وفيها راحتهم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ]

فالدنيا بالنسبة إلى البرزخ نوم ومنام ، فإن البرزخ أقرب إلى الأمر الحق ، فهو أولى باليقظة ، والبرزخ بالنظر إلى النشأة الأخرى يوم القيامة منام ، واعلم أن الإنسان مقلوب النشأة ، فآخرته في باطنه ودنياه في ظاهره ، ففي نشأة الآخرة باطنه في الدنيا صورة ظاهره في النشأة الآخرة وظاهره في الدنيا باطنه في النشأة الآخرة ، لهذا جاء «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» فالآخرة مقلوب نشأة الدنيا ، والدنيا مقلوب نشأة الآخرة ، والإنسان هو الإنسان عينه ، فاجهد أن تكون خواطرك هنا محمودة شرعا ، فتجمل صورتك في الآخرة وبالعكس ، فلا يعلم «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ»

إلا من علم (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) وهو عودة الحق إلى الخلق وإن اختلفت الصور ، ففيه إثبات الغير ، فإثبات الإعادة

الإيمان بها يعطي السعادة ، فلا تكرار في الوجود وإن خفي في الشهود ، فذلك لوجود الأمثال ، ولا يعرفه إلا الرجال ، لو تكرر لضاق النطاق ، ولم يصح الاسم الواسع بالاتفاق ، وبطل كون الممكنات لا تتناهى ، ولم يثبت ما كان به يتباهى - وجه آخر - «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» اعلم أن الإنسان خلق من ضعف ، صورة ومعنى ، وإلى الضعف يعود ، وإنما يترقى إلى ظهوره في الصور بالعوارض ، فقوته في التوسط بجعل اللّه تعالى ، كما قال سبحانه : (خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) فجاء بالجعل لأجل الشيبة ، فأما الضعف فهو أصله عاد إليه ، لذلك قال تعالى : «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» وقال : (مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) وقال : (ثم يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا) وذلك أوان رجوعه إلى المهد ، قال سبحانه وتعالى : (وجعلنا الأرض مهادا) .


المراجع:

(29) الفتوحات ج 3 / 24 ، 514 ، 493 ، 24 ، 41 - ج 2 / 184 ، 469 - ج 4 / 316 - ج 2 / 184 - ج 3 / 41 - ج 1 / 312 - ج 4 / 420 ، 369

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!