موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنفال (8)

 

 


الآية: 24 من سورة الأنفال

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» أي صدقوا بما قلنا «اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ» فوحد الداعي بعد ذكر الاثنين ، فإن من يطع الرسول فقد أطاع اللّه ، فإن الرسول داع بأمر اللّه ، فاللّه هو المجاب ، وما في القرآن دليل أدل على أن الإنسان الكامل مخلوق على الصورة الإلهية من هذه الآية ،

لدخول اللام في قوله «وَلِلرَّسُولِ» وفي أمره تعالى لمن أيّه به من المؤمنين بالإجابة لدعوة اللّه تعالى ولدعوة الرسول ، فعلمنا أن الأمر واحد ، وما سمعنا متكلما إلا الرسول بالسماع الحسي ، وسمعنا كلام الحق بالسمع المعنوي ، فاللّه والرسول اسمان للمتكلم ، فإن الكلام للّه كما قال اللّه ،

والمتكلم المشهود عين لسان محمد صلّى اللّه عليه وسلم «لِما يُحْيِيكُمْ» فإن اللّه ورسوله ما يدعونا إلا لما يحيينا به ، والداعي في الحالتين إيانا هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ،

فإذا دعانا بالقرآن كان مبلغا وترجمانا ، وكان الدعاء دعاء اللّه ، فلتكن إجابتنا للّه والاستماع للرسول ، وإذا دعانا بغير القرآن كان الدعاء دعاء الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ،

فلتكن إجابتنا للرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، ولا فرق بين الدعاءين في إجابتنا وإن تميز كل دعاء عن الآخر بتميز الداعي ،

فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول في الحديث : [ لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الخبر عني فيقول : أتل عليّ به قرآنا ، إنه واللّه لمثل القرآن أو أكثر ]

وقوله في الحديث : (أو أكثر)

فإن كلام اللّه سواء سمعناه من اللّه أو من الرسول هو كلام اللّه ، فإذا قال اللّه على لسان عبده ما يبلغه الرسول - فإنه لا ينطق عن الهوى - فإنه أكثر بلا شك ، لأنا ما سمعناه إلا من الرسول ، ولينظر المدعو فيما دعي به ، فإن وجد حياة علمية زائدة على ما عنده يحيا بها في نفس الدعاء ، وجبت الإجابة لمن دعاه اللّه أو دعاه الرسول ، فإنه ما أمر بالإجابة إلا إذا دعاه لما يحييه ، وما يدعوه اللّه ورسوله لشيء إلا لما يحييه ، فلو لم يدر طعم الحياة الغريبة الزائدة لم يدر من دعاه ، وليس المطلوب لنا إلا حصول ما يحيا به ، ولهذا سمعنا وأطعنا ، فلا بد من الإحساس لهذا المدعو بهذا الأثر الذي تتعين الإجابة له به ، فإذا أجاب من هذه صفته حصلت له فيما يسمعه حياة أخرى يحيا بها قلب هذا السامع ، فإن اقتضى ما سمعه منه عملا وعمل به ، كانت له حياة ثالثة ، فانظر ما يحرم العبد إذا لم يسمع دعاء اللّه ولا دعاء الرسول ، ففي الفرائض إجابة اللّه ، وفي السنن إجابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم .

[ تفسير من باب الإشارة : استجيبوا للّه وللرسول ]

- تفسير من باب الإشارة - اقتصر علماء الرسوم على كلام اللّه المعين المسمى فرقانا وقرآنا وعلى الرسول المعين المسمى محمدا صلّى اللّه عليه وسلم ، والعارفون عمموا السمع في كل كلام ، فسمعوا القرآن قرآنا لا فرقانا ، وعمموا الرسالة ، فالألف واللام التي في قوله : «وَلِلرَّسُولِ» عندهم للجنس والشمول ، لا للعهد ، فكل داع في العالم فهو رسول من اللّه باطنا ، ويفترقون في الظاهر ، فيسعد العارف بتلقي رسالة الشيطان ويعرف كيف يتلقاها ، ويشقى بها آخرون ، وهم القوم الذين ما لهم هذه المعرفة ، ويسعد المؤمنون كلهم والعارفون معهم بتلقي رسالة الرسل صلوات اللّه وسلامه عليهم ، ويكون العامل بما جاء في تلك الرسالة أسعد من المؤمن الذي يؤمن بها عقدا وقولا ويعصي فعلا وقولا ، فكل متحرك في العالم منتقل فهو رسول إلهي ، كان المتحرك ما كان ، فإنه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه سبحانه ، فالعارف ينظر إلى ما جاءت به في تحركها ، فيستفيد بذلك علما لم يكن عنده ، ولكن يختلف الأخذ من العارفين من هؤلاء الرسل لاختلاف الرسل ، فليس أخذهم من الرسل أصحاب الدلالات سلام اللّه عليهم كأخذهم من الرسل الذين هم عن الإذن من حيث لا يشعرون ، ومن شعر منهم وعلم ما يدعو إليه كإبليس إذ قال لصاحبه : (اكفر) فيتلقاه منه العارف تلقيا إلهيا ، فينظر إلى ما أمره الحق به من الستر فيستره ، ويكون هذا الرسول الشيطان المطرود عن اللّه منبها عن اللّه ، فيسعد هذا العارف بما يستره وهو غير مقصود الشيطان الذي أوحى إليه ،

فالعالم كله عند العارف رسول من اللّه إليه ، وهو ورسالته - أعني العالم - في حق هذا العارف رحمة ، لأن الرسل ما بعثوا إلا رحمة ، ولو بعثوا بالبلاء لكان في طيه رحمة إلهية ، لأن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة .


المراجع:

(24) الفتوحات ج 3 / 550 - ج 4 / 160 - ج 1 / 699">699 - ج 4 / 160 - ج 1 / 699">699 - ج 4 / 161

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!