قال حين بدا بالجملة الإنشائية على صورة التنبيه [أقول وروح القدس] أي أقول والجواب أن روح القدس وهو جبريلu والمقدس المنـزه هو الله تعالى على الإطلاق والروح القائم بالإنسان قد [ينفث] النفث شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل [في النفس] وينتقل النفس في ذلك النفخ إلى مقام الروح وقال صاحب التجريد في كلمة التوحيد إنما اشترى النفس في قوله تعالى: ] إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ [ [التوبة:111] ولم يقل أروحهم ولا قلوبهم قال إنما اشترى النفس دون الروح لأنها معيبة والروح حبيبة فاشتراطا لينقلها من مقام النفس إلى مقام الروح واشترى النفس ولم يشترى القلب لأن النفس تستعبدها اللذات وتسترقها الشهوات فاشتراها وسلمها إلى الملك وألهمها قبول ما يلقى إليها لينقلها من مقام النفس إلى مقام القلب بواسطة الإلهام وهي الروح الذي ينفث أي ينفخ فيها فتحيا بالأسرار الربانية ويحصل لها الفيض بالواردات فتستحق عند ذلك التجلي فإذا وصل العارف إلى هذه المنـزلة شهدت الشريعة على ظاهره والحقيقة على باطنه فحينئذ إن سمع سمع بالله وإن نطق نطق بالله وإن بطش بطش بالله وذلك أنه عرف ما حكم الله تعالى في كل حاسة من حواسه الخمس وإليه (35/ب)

الإشارة بقوله [بأن وجود الحق] المأمورين بإتباعه [في العدد الخمس] وقد يره به الخمسة أحرف الجلالة فإن أصل الجلالة (ا ل ل ا ه) لا بمعنى الحصر بل بمعنى الدلالة وقد يرد بالعدد الخمس الأحكام الشرعية وهي الحلال والحرام والواجب والمكروه والمندوب فقد ورد الشرع إلينا ببعث جبريل في روع النبي r ومن حيث الباطن الحواس الخمس الباطنة محل ورود الإلهام وقذفه إلى القلب بواسطة الروح فيعيه ويندفع إلى الحافظة إلى وقت بروزه فالحواس الباطنة محل وجود الحق بالعلم والمعرفة قال تعالى]: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [ [الحديد:4] بالمراقبة فالسر يراقب القلب بما يطرأ عليه من أعمال الجوارح فإن كانت طاعة أشرق نورها إلى السر فترقى الروح إلى منتهى الأعمال وهي سدرة المنتهى والقلب يرقب السر لما يرد عليه من الفيض فيتناوله ويدفعه إلى الحس المشترك فيدفعه إلى الحافظة إلى وقت بروزه فيستلمه ملك الروح فينفذه إلى خارج الجوارح فتبادرالجوارح الظاهرة في طلبها وإيجادها في الحس فالقلب برزخ بين عالم السر وعلم الحس وكذا الكعبة واسطة بين العبد والرب بالمعاني المفهومة من المناسك المنصوبة لتحصيل تلك المعاني فالكعبة منصوبة لصحة الصلاة وفي المعنى الصلاة إنما هي لله لا إليها ولهذا بين لنا النبي r