موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لوامع البرق الموهن

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


الباب السابع: في ذكر تجلي العليم بحال المحدث وشأن القديم من القلب

ظهور العلم في القلب الغريب    …..   يطهره و يزكيه .. عجيب

يضعف النفس من طلب لغير  ….  وإخلاد إلى الأرض القريب

ومن طبع وعادات لجسم      …..  ومن شهوات ذي النفس الرقيب

ومن شك وترداد لأمر     …..    سبى كل قلب بالغيوب

إعلم ، أيّدنا الله وإياك ،أن الله خلق الروح ، وللإنسان ، من نور ذاته،  وأودع فيها بواسطة الفعل ، جميع العلوم الإلهية .

والأرواح الإنسانية مجبولة بالفطرة على درك حقائق الأشياء ، كما هي عليه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها".

 فأرواحنا مُعلمة، جبلت على العلم الإلهي بالأصالة.

وإنما حجب الناسں عن درك حقائق ما انطوى فی قابلية الروح ، حکم الجسم الذي امتزجت به الروح .

 فنزلت وانتقلت عن محلها، وانطبعت بطبعه ، متكاثف حجابها عليها .

فإذا أخذ العمل في الرياضات ، والمجاهدات ، أخذت الحجاب ، في الإرتفاع عنه . لأن الأكل ، مثلا، من خواص الأجسام ، فإذا قلل منه ، رفعت الحجب ودقت .

 وكذلك النوم وكثرة الكلام ، والاختلاط بالأنام .

 واذ اعتمد هذه الأربعة وهي حلية الأبدان:-

ترك الطعام والمنام والكلام والأنام ، سقط قيد الجسم ، عن الروح .

 فإذا أضيف إلى ذلك:

 ترك عادة النفس من الجزع عند المصائب.

 والانهماك في الخواطر والوساوس .

والشوق إلى معرفة أخبار الناس ، وأحوالهم .

 والخوف والرجاء ، والاكل .

 إلى غير ذلك ، مما هو عادة لها ، وطبع فيها :

 كالفرح بالعاجل ، واليأس من الغائب ، وأمثال ذلك .

 تخلصت الروح من سجن الطبع .

 وطارت في فضاء عالم الأرواح .

 فإذا أضيف إلى ذلك :

 ترك القياس بالعقل والدليل ، فتأخذ أول جواب يلقيه إليك ، وتحكم به .

 واحذر هن

من اختطافات النفس وتلبسات الشيطان .

 بتلقيه الجواب عنك ، قبل دركك إياه ، ويأتيك به على غير صورته ، التي ينزل بها .

 واحذر الحكم بالعقل والدليل ، في هذا المكان وغيره ، فإنه أشد بليات المتصدين لأحد المدركات النفسية ، فتأمل .

الطريق الخامس :

 ويسمى طريق البصر ، وهو أن تحدق النظر بعينك ، فيشكل لك الأمر في أول طبقة من طبقات العين ، خارج الباصرة .

 وتلك الباصرة هي الحقيقية لروحك ، في خيالك ، لكنه قد يبرز لك في الحس ، بواسطة الباصرة ، لأنها عين روحك ، الذي يتشكل فيه الخيال بأمره .

وتحت هذه النكتة ، رمز شريف ، لو عرفته، لكشفت عن سر القلب أيضا .

الطريق السابع :

وهو أعلى الطرق وأعزها ، ويسمى طريق القلب ، وذلك أن تلج بقلبك في روحك فينزل منه ، فى المنزل العلمي الالهي على مواضع مطلوبك وحده ، فيفصله ، ويعقله ، وينزل به إلى الحس ، على ما هو الامر عليه .

 وإذا ولجت هذا المنزل ، وأحببت الثناء على ربك ، فأنزل على جميع تلك المرتبة المسماة بالصفة العليا .

 لكنك إذا رجعت إلى نفسك ، ونزلت إلى جنتك ، لا تفعل شيئا من إجماله، بل تشهده شيئا كموج البحر ، تميزها في محلها ، ولا تفعلها في محلك .

وإذا أردت الخروج ، بشيء من جواهر ذلك البحر ، فلا توقع نظرك إلا على المطلوب وحده ، وحینئذ، تدرکه علی ما هو علیه ، ان شاء الله تعالی .

وقد كشفت لك في هذا الباب ، عن علم جليل ، فلازمه ، وطالب نفسك به على الدوام والاستمرار ، حتى تفوز بالمطلوب  إن شاء الله تعالى .

 وإن فات عليك ، فلا أرغم الله الا انفك ،حيث حبوتك بما لو مزقت عمرك في طلبه منك فيك، لما أمكنك أن تعرفه على هذه الحلية ، والله الواهب ، والمبلغ إلى الامنية .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!