موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الرابع عشر منظر التمكين

فى هذا المشهد: يتجلى الحق تعالى للعبد، بذاته، من حضراته.

فیتصف حينئذ بأسمائه وصفاته ۰

فیمكنه بنصب الحضرة الإلهية بين يدى العبد، فيأخذ منها ما شاء، ويترك ما شاء ويظهر أثر ما شاء، متى شاء.

وعند الدخول فى هـــذا المشهد، يسمع العبد "صلصلة الجرس".

وعند التوسط فيه، يرى الرفرف، والنعلين، والتاج، والسرير، و المتجلي في ذلك، على الصورة المذكورة في الحديث النبوي۰

وهذا المنظر:

أول مقامات الوصول، عند الكمل.

وعلى الحقيقة:

فما. ثم مقام ينتهى إليه الواصل، بحيث الاستقرار، لأن الله تعالى، لا نهاية له. فكذلك الذاهب بمعارفه الإلهية، لا نهاية لمقاماته.

وليس فوق هذا المقام، المسمى بالتمكين، مقام الا: القربة، فالخلة، فمقام الحب، فالعبودية المحضة، وبين كل مقامين، من هذه المقامات، من المناظرة ما لا نهاية له.

وفيها يتفاوت الكمل: کل أحد، علی قدر قوة علمه، و وفور عزمه، وعلو همته، وحسن قابليته، وصدق نفوذه فى ذهابه، وظهور أثر باطنه علی ظاهر اهابه، فاعلم.

نزلنا علی حكم الترتيب، إلى تفصيل ما أمرنا الحق، تعالى، بتوقيعه، فى هذا الكتاب، على حسب الوضع الحقيقي الالهي.

والله الموفق، لا رب غيره.

آفة هذا المنظر:-

هو أن العبد لا يدرك نهاية الصفات، التى قد اتصف بها، من صفات الله تعالى، لا كلها، ولا واحدة منها.

وإن حصلت له الادراکات، ففي الشأن الإلهي به علی طریقة الاجمال، مع شهود التفصيل في الاجمال، حكما، لا عينا.

وهذا نقص، للأن الحق تعالى يدرك صفاته، وما اقتضته كل صفة من الآثار، اجمالا و تفصیلا، وجودیا و عینیا، لیس عنده فی ذلك شائبة خفاء، ولا عجز. وهذا لا سبيل الى استيفائه، لأحد من خلق الله تعالى، ولکن الکمل متفاوتون فی ذلك.

( 1 ) عبارة " صلصلة الجرس" هي عبارة مشهورة في التراث الإسلامي بصلتها بالوحي النبوي فقد سئل الرسول صلى الله علیه وسلم كيف يأتيك الوحى؟

فقال: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي، فيفصم عني، وقد وعيت عنه م قال... الحديث ).

انظر: صحيح البخاري ج 1 باب کیف کان بدء الوحي.

أما الجيلي فيعرف صلصلة الجرس هذه بأنها ( انكشاف الصفة القادرية عن ساق بطريق التجلي بها علی ضرب من العظمة، أی بروز الهيبة القادریهٔ ).

اما متى وكيف يحدث ذلك ؟

يجيب الجيلي بقوله: " وذلك أن العبد الالهي اذا أخذ يتحقق بالحقيقة القادرية برزت له في مباديها صلصلة الجرس، فيجد أمرا يقهره بطريق القوة العظموتية، فيسمع لذلك أطيطا من تصادم الحقائق بعضها على بعض، كأنها صلصلة الجرس في الخارج ". انظر: الانسان الکامل، ج 1 ص 107.

وسيعرض الجيلي لهذا المصطلح بعد عند حديثه عن ( منظر الجلال ).

يقصد الجيلي بالرفرف الأعلى: " المكانة الالهية من الموجودات ومن الامور الذاتية التى اقتضتها الالوهية بنفسها" انظر: الانسان الكامل، ج 2 ص 3.

أما النعلان: " فهما الوصفان المتضادان كالرحمة والنقمة والرضا والغضب وأمثال ذلك ".

أنظر: الانسان الكامل ج ٢ ص5.

والسرير: هدى المرتبة الرحمانية التى هى في المكانة الإلهية:الانسان الكامل ج ٢ ص 5.

أما التاج "ا فهو عبارة عن عدم التناهى، وهو المعبر عنه بصورة شاب في التحديث المشهور النبوى: "انه رأى ربه في صورة شاب أمرد على سرير من كذا وكذا وفى رجله كذ وكذا ….." الحديث.

لأن الصورة يلزمها التناهي، وهو لا نهاية له.

فذكر التاج الذى هو فوق الرأس اشارة الى ماهية الذات التي لا نهاية لها ". ج 2 ص 4-5.

القربة، فالخلة، فمقام الحب، فالعبودية المحضة، وبين كل مقامين، من هذه المقامات، من المناظرة ما لا نهاية له.

وفيها يتفاوت الکمل: کل أحد، علی قدر قوة علمه، و وفور عزمه، وعلو همته، وحسن قابليته، وصدق نفوذه فى ذهابه، وظهور أثر باطنه علی ظاهر اهابه، فاعلم.

نزلنا علی حکم الترتیب، إلى تفصيل ما أمرنا الحق، تعالى، بتوقيعه، فى هذا الكتاب، على حسب الوضع الحقيقى الالهى.

والله الموفق، لا رب غيره.

يعرف الكمشخانوى القرب: بأنه عبارة عن الفناء بما سبق فى الأزل من العهد الذي بين الحق والعبد فى قوله تعالى: " ألست بربكم ؟ قالوا بلی".

وقد یخصں بمقام قاب قوسين "، ص ٦٦ وأنظر: اصطلاحات الصوفية للكاشاني ص 148.

أما الخلة: فيعرفها الكمشخانوى بأنها " تحقق العبد بصفات الحق بحيث يتخلله الحق ول يخلى منه ما يظهر علیه شیء عن صفاته فیکون مرآة للحق ".

ص 59 والنظر: اصطلاحات الصوفية 161 .

(19) والعبوده يعرف الكمشخانوى العبودية بأنها: " للخاصة الذين صححوا النسبة الى الله والصدق اليه في سلوك طريقه ". ص 64

قد وورد ذكر للحديث في وغيره

الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 364)

كشف الخفاء ط المقدسي (1/ 436)

مشكل الحديث وبيانه (ص: 362)

الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (1/ 320)

شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار

والحديث لم أعثر عليه. في كتب السنة

الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 364)

عن الأسود بن عامر بإسناده أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه في صورة شاب أمرد، دونه ستر من لؤلؤ قدميه ـ أو قال: رجليه ـ في خضرة. [ص:365]

مشكل الحديث وبيانه (ص: 362)

فإن قال قائل فما تقولون فيما روى عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

رأيت ربي في صورة شاب أمرد عليه حلة حمراء

وفي بعض الأخبار أن عبد الله بن عمر أرسل إلى ابن عباس يسأله هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه

فأرسل إليه عبد الله بن عباس فقال نعم قد رآه في صورته على كرسي من ذهب محتجب بفراش من ذهب في صورة شاب رجل

وفي خبر آخر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى

كشف الخفاء ط المقدسي (1/ 436)

وروى في صورة شاب أمرد، قال ابن صدقة عن أبي زرعة حديث ابن عباس لا ينكره إل معتزلي وروى في بعضها بفؤاده والحديث إن حمل على رؤية المنام فلا إشكال، وإن حمل على يقظة فأجاب عنه ابن الهمام أن هذا حجاب الصورة، قال القاري كأنه أراد بهذ التجلي الصوري، ولله تعالى أنواع من التجليات بحسب الذات والصفات لكنه تعالى منزه عن الجسم والصورة بحسب الذات، وأما ما قاله السبكي في الحديث فإن أراد أن في سنده ما يدل على وضعه فمسلم وإلا فباب التأويل واسع انتهى ملخصا.

الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (1/ 320)

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه عز وجل شاب أمرد، جعد، قطط، في حلة خضراء. أخرجه الدارقطني أيضا. وكذا ابن الجوزي في "العلل المتناهية" وقال: إنه لا يثبت.

وعند الترمذي في جامعة وقال: حسن غريب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال لي: يا محمد! قلت: لبيك وسعديك قال: فيم يختصم الملأ الأعلى" وذكر الحديث. قال البيهقي: وري من أوجه كلها ضعيفة.

شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار (9/ 9، بترقيم الشاملة آليا)

نقد حديث: (أن النبي رأى ربه في المنام في أحسن صورة شاباً موقوراً)

أيضاً من هذه الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم ظلماً وعدواناً وزوراً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام في أحسن صورة شاباً موقوراً، رجلاه في خضر، عليه نعلان من ذهب، في وجهه فراش من ذهب).

وهذا الحديث روي من وجه آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني ربي في صورة شاب أمرد)، وهذا الحديث قيل بأن شيخ الإسلام ابن تيمية صححه، لكن لو راجعت لشيخ الإسلام ابن تيمية في بعض الأقاويل فقد يتوهم الإنسان بأنه صحح هذا الحديث.

لكن الصحيح الراجح أن هذا الحديث باطل لا أصل له.

وهو موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكفى في ركاكة لفظه أنه شبه الخالق بالمخلوق، ونقول: إن الله جل وعلا يأتي على صورة، وذلك لحديث الآخرة: (فيأتيهم على غير الصورة التي يعرفونها فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لست بربنا، فيقول: بينكم وبينه علامة؟ فيقولون: نعم، فيأتيهم الله على الصورة التي يعرفونها).

فأولاً جاءهم على الصورة التي لا يعرفونها، ثم جاءهم في المرة الثانية على الصورة التي يعرفونها، فهذه دلالة على بطلان حديث: (أتاني ربي في صورة شاب أمرد).


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!