المناظر الإلهية
تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)
*****المنظر السابع والثمانون منظر لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم
يتجلى الله تعالی، بتجل، يسلب فيه: قواه، وحوله، وقوته، وقدرته، وفعله، وحركته، وإرادته، فهو مسلوب الحول، والقوة، والقدرة، فالفعل، والإرادة، والحركة - لظهور عظمة العلی تعالى فيه.
يقول سيد أهل هذا المقام: " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ".
وفي هذا المنظر: تكون تجليات الأفعال مشهودة للعبد، فيكون مع الله تعالى بواسطتها.
ومن ثم، يقال لصاحب هذا المشهد: قم !
فيقول: لا اقدر..
تكلم؛ فيقول: لا أعلم..
اسمع ! فيقول: لا افهم !.
ما كان ؟! فيقول: لا أدري..
ومع هذا كله تصدر الأفعال منه، وانت تشهدها تجرى عليه، وهو يرى عن فاعليتها.
فلو رايته ياكل شيئا، وقلت له: انت تاكل كذا وكذا !
لقال: لا !
وأقسم أنه لم يأكل، ولم يفعل شيئا، لدهشته بفعل الله تعالى، وشغله بذلك، عن فعل نفسه.
فلا يعلم لنفسه فعلا: إذ لا ارادة، ولا قوة، ولا قدرة، ولا حول، ولا فعل له.
فلا يشهد أفعال العالم جميعها إلا بالله تعالى، ولا ينسب إليه، من تلك الحركات والسكنات، شيئا.
آفة هذا المنظر:
احتجابه بتجليات الأفعال، عن تجليات الأسماء والصفات.
وقد وضعنا لكل من ذلك بابا، في كتابنا الموسوم بـ " الانسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل ".
وتحدثنا عن هذه التجليات بحديث، لم يفصح احد من العارفين عنه، ولم يسمح به في مصنفاته.
ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بـ " قطب العجائب، وملك الغرائب ".