المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الغفّر
الغفّار بما ستر من العيوب، الغافر بنسبة الشّر إليه ، والغفور بما استدل من السّتور من أكوان وغير أكوان، الّذي لا يترك ذنبا إلّا ستر عن عيون المناظرين، ومحاه عن صحف الملائكة المقرّبين .
اعلم أنّ من أحكام هذا الإسم هو الصّون والغيرة والحفظ، فإنّ المستورين في هذا الموطن على ثلاث طبقات :
الأولى: هو المستور عن العقوبة بعد حكم المعصية فيه وهو المغفور له .
الثانية: المستور عن قيام المعصية له لعدم رغبته فيه وهو المحفوظ .
الثّالثة: المستغرق في تلاطم أمواج الصّفات، المستهلك في أشعّة أنوار الذّات، الغائب عن شهود المعاصي والطّاعات وهو المعصوم .
هذا في الخصوص وأمّا في العموم فالأمور كلّها مستور بعضها على بعض، وأعلاها ستر ظاهريّة الحقّ، وذلك أنّ أفراد أشخاص مراتب الأكوان بأجمعها لا يزال وقوفا مع الاسمين الظّاهر والباطن، فمن كان مع الاسم الباطن في حالة رؤية وشهود كان الاسم الباطن في حال مشاهدته سترا على الاسم الظّاهر، واسم الظّاهر في محلّ سلطنته على ما هو عليه في الحكم ما تغيّر وكذلك من كان مع الاسم الظّاهر شهودا أو رؤية، فإنّ اسم الظّاهر في حقّه ستر على اسم الباطن، فالظّاهر غيب لأهل شهود اسم الباطن، والباطن شهادتهم، كما أنّ الباطن غيب لأهل الظاهر، فغيب أهل الظّاهر شهادة أهل الباطن، وغيب أهل الباطن شهادة أهل الظّاهر، ودون ذلك ستور الأسباب والوسائط، وستور الخلق بعضهم على بعض، وألطفها ستور الأسماء على المسمّيات، وإن دلّت على ذات المسمّى فهي أعيان السّتور، فإنّ النّاظر يخافها لاختلاف أحكامها، فالوجود كلّه ستر وساتر ومستور،
والخلق في عين الوجود مستورون عنه، وهو ستر عليهم، وهم ستور عليه، والسّتر لا بدّ أن يكون مشهودا لمستوره، والعجب أنّه مستور عن السّتر بالسّتر .