المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الوهّاب
الوهّاب مبالغة من الواهب، وهو أن يهب من غير عوض لا يراد عليها جزاء ولا شكورا، والحقّ هو الّذي يهب البرّ والفاجر من غير منّة، لا ينقص بالعصيان كرمه، ولا يقطع بالعصيان منحه، فالمتحقّق بآثاره لا يرجو أحدا سواه، والمحكّم بأحكامه لا يدعو في الشّدائد إلّا إيّاه، ولا يتوكّل المتوكّل إلّا عليه، ولا يرفع المحتاج حوائجه إلّا إليه .
اعلم أنّ العطاء على نوعين :
عطاء على جهة الإنعام، لا يخطر للمعطي خاطر الجزاء عليه من ذكر أو شكر وغيره، وهو الواهب .
وعطاء اقترن به طلب شكر أو جزاء، وهذا عطاء تجارة قابلة للّربح والخسران بحسب مقصوده وفواته .
والمستمدّ من هذه الحضرة، متجرّد عن جميع أغراضه بهباته الماليّة وحركاته البدنيّة في حقّ من له فيه نفع بمجرّد نيّة الإنعام فقطّ لا لحصول ثواب، وإن كان الحقّ بكرمه لا يضيع أجره فذلك إلى اللّه لا إليه .
وكذلك المتحرّك في العبادات، إن كان غرضه ونيّته أن ينشئ بظهور عبادته صورة روحانيّة تسبّح اللّه عزّ وجلّ، وتزيّن فضاء الملكوت بزيادة المسبّحين للّه، فيلحق بأهل هذه الحضرة .
وإن نوى غير ذلك فليس له في هذه الحضرة قدم، فالمحقّق واهب لأفعاله وأعماله صورا كاملة روحانيّة كما وهبه الحقّ جلّت عظمته .