موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

شرح الأسماء الحسنى

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

مقدمة في الأسماء الإلهية

 

 


قال اللّه تعالى: وَ لِلَّ هِ الْأَسْمَ اءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِهَ ا .

اعلم أنّ الأصل في الذّات المقدّسة تباركت وتعالت التّعرّي والتّنزّه عن الصّفات، وإطلاقه عن التّقييد بالصّفات، وغناه عن العالم، لأنّ كلّ اسم وصفة يقتضي كونا من الأكوان، ولا ظهور لها إلّا بها، فلو كان في الوجود ما تطلب الأسماء ظهورها لزم منه قدم العالم، وقد صحّ في الخبر الوارد: «كان اللّه ولم يكن معه شي ء »، فلا ظهور لأحكام الأسماء إلّا في القوابل، وليس ذلك إلّا بإخراجها الأعيان عن حضرة الثّبوت، وحصولها في عرضة الوجود، فلمّا اكتسى الأعيان الثّابتة حلّة الوجود حصل مراتب أنواعها في نفس الأمر، فعند حصولها في محلّ سلطنة اسم الظّاهر الحاكم على ولاية المظاهر ظهرت آثار الأسماء الحسنى، وبرزت نتائج الصّفات العليا .

والأسماء غير متناهية، لأنّها حضرات تتضمّن ملك اللّه الّذي هو أعيان الممكنات، والأعيان لا توصف بالتّناهيّ، لأنّها عين ثبوت الحقّ، ولا نهاية لشؤونه دنيا وآخرة، نعم ما وجد منها فهو متناه .

ويدلّك على هذه الجمعيّة الإلهيّة قوله تعالى: يَ ا أَيُّهَا النَّ اسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَ اءُ إِلَى اللَّ هِ ، سمّى نفسه بكلّ ما يفتقر إليه، وهذه حقيقة سارية في جميع أفراد مراتب الأكوان أن يدخل في أجزاء أفرادها علوا [و] سفلا ، فإذا علمت هذا فاعلم أنّ الأسماء الإلهيّة على أقسام :

منها: الأسماء الإلهيّة المضمرات مثل «هو» و«نحن» و«أنا» .

ومنها: الكنايات مثل «الفالق» و«الجاعل» .

ومنها: أسماء النّيابة مثل: وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرَ ابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وهو الواقي عزّ شأنه والسّربال ناب منه منابة في الوقاية .

ومنها: ما لم يطلق عليها أدبا وإن نطق القرآن بها مثل: سَخِرَ اللَّ هُ .

وَ مَكَرَ اللَّ هُ ويَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وأَكِيدُ كَيْداً ، فالتّحجير رفع التّحجير في إطلاق الاسم عليه سبحانه [بالنّسبة] إليه لا [بالنّسبة] إلينا، فلا يسمّى إلّا بما سمّى نفسه وما منع منه ذلك منع أدبا .

وكذلك الأفعال، فإنّ من الأفعال ما تعلّق الذّم بفاعله كالشّرك والظّلم والفساد، ومنها ما تعلّق الحمد والمدح بفاعله كالإحسان والصّبر والشّكر، وأخبر عن نفسه تعالى بأنّه يحبّ المتّصفين بما يتعلّق به الحمد، ويبغض الموصوفين بما يتعلّق به الذّم، فليس لأحد أن يتصرّف في إطلاق الأسماء عليه أو نسبة الأفعال إليه سبحانه إلّا بما أطلق له التّصرّف فيه، ومعرفة التّصاريف ثبتت بإعلامه شرعا لا عقلا، والحقّ تعالى ما نسب إلى نفسه من الأسماء الحسنى دون غيرها من الأسماء، وإن كان الكلّ أسمائه في الحقيقة إلّا أنّه عراها عن النّعت إلّا بالحسنى .

وأكمل الخلق وأعلمهم بحقائق أسماء اللّه وصفاته الرّسل، لأنّهم ما علموا إلّا بإعلام الحقّ لهم، وصحّ عن المخبر الصّادق صلوات اللّه عليه: «إنّ للّه تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلّا واحدة، من أحصاها دخل الجنّة »، وقوله : «مائة إلّا واحدة» هو على وجه التّأكيد كقوله تعالى : فَصِيَ امُ ثَلَ اثَةِ أَيَّ امٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذَ ا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَ امِلَةٌ .

فتقييده على التّأكيد عند أكثر العلماء، وهو أبعد من التّصحيف في الكتابة لأنّ التّسعة والتّسعين يشبه في الكتابة السّبعة والسّبعين والتّسعة والسّبعين والسّبعة والتّسعين، فأزال الالتباس بالقيد .

وأمّا قوله عليه السّلام: «من أحصاها »، الإحصاء عند علماء الظّاهر بمعنى العلم، وهو معرفة ألفاظها ومعانيها، والعثور على حقائق نتائجها وآثارها، وعند أهل اللّه الاتّصاف بها، والظهور بحقائقها، والعبور على مدارج نتائجها، بحيث يصدق عليهم إطلاق أعيانها، كما أنّه تعالى وصف نفسه بأنّه: خَيْرُ النَّ اصِرِينَ ، وَ هُوَ خَيْرُ الْحَ اكِمِينَ ، وخير الحافظين ، خَيْرُ الرَّ ازِقِينَ ، وأَحْسَنَ الْخَ الِقِينَ ، وأخبر عن نبيّه أنّه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ .

ففي أمثال هذه التّنبيهات مجال متّسع لأهل العناية من أرباب القلوب وأصحاب الكشف والشّهود، يتّصفون بحقائقها، وينصبغون بصبغ آثارها في سلوكهم على مناهج السّنن المشروعة، وسيرهم على مدارج طريقة أهل الولاية، والتّخلّق بالأخلاق الإلهيّة، ويصير ذلك قربة لهم إليه، ووسيلة لديه .

نسأل الله الكريم المنّان أن يجعلنا من أهله، فإنّه ما والى من والى إلّا من أهليّة إلهيّة .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!