موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

شرح الأسماء الحسنى

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

هو

 

 


اعلم أنّ الهويّة سرّ الإلهيّة، وهو عبارة عن موجود أزلي متفرّد بصفة الجلال والكمال، وهذا أوّل كلمة دعا اللّه إليها عباده بقوله: قُلْ هُوَ اللَّ هُ أَحَدٌ ، فتمّ بها الكلام، ثمّ قال: اللَّ هِ وهو الاسم الجامع الخاصّ الدّالّ على الذّات الأحديّة بجميع أجزائه الحرفيّة وحقائقه الوضعيّة، وسرّ الهويّة فيه، إلّا أنّه لا يظهر إلّا بعد تجرّده عن قيود أحكام الحروف المركّبة، لكمال تفرّده عن الأغيار، وقوّة تنزّهه عن حقائق الآثار .

ثمّ إنّه وإن كان مركّبا من بعض الوجوه من الهاء والواو، ولكنّ الأصل الثّابت هو الهاء، فإنّ الواو ساقطة في آخر كلمة إليه وفي التّثنية والجمع كقولك: «هما» و«هم »، فبقي الهاء يدلّ على الأحديّة المطلقة عند استهلاك الصّفات، وإسقاط النّسب والإضافات .

واعلم أنّه للهاء في الهويّة مرتبة الأوليّة، وفي الإلهيّة مرتبة الآخريّة، فلها البداية في الهويّة والنّهاية في الإلهيّة، مشيرة إلى أسرار عظيمة، ومعان جليلة :

منها: ما يهبّ من معانيها نسمات الرّجاء على قلوب أهل الكشف، وهو أنّ حركة الموجود دوريّة، فعين النّهاية عين البداية، فكما كان السّبق للرّحمة كذلك المآل إليها .

ومنها: جلالة الهويّة ورفعتها على جميع الأسماء، وهي أنّ أصل الهاء الّذي [هو] ضمير الهويّة الذّاتيّة إنّما هو الرّفع، إشارة إلى أنّ كمال الرّفعة المطلقة لها ذاتيّة، وإنّما يرد عليها وارد النّصب والجرّ من حيث قابليّتها للحركات الإعرابية، إشارة إلى جمعيّة قابليّتها جميع النّعوت والأحكام والصّفات والنّسب والإضافات واللّوازم واللّواحق والعارضات، والقوّة الرّفيعة الّتي هي أصلها استلزمت الواو أخت الضّمّة، ولها ضمير الجمع في العلوم العربيّة، كذلك لها الإحاطة والشّمول بخصوصيّات الحروف في مراتب المخارج، والواو باطن الهاء وحركتها عكس حركة الهاء، وكلاهما دوريّة، فإنّ حركة الهاء ومخرجها من باطن الصّدر بقرب القلب عند أهل الكشف يمتدّ بها النّفس، فيمرّ على مخارج الحروف كلّها حتّى ينتهي إلى ظاهر الشّفتين، ثمّ يعود عودا سريعا كالبرق إلى ما منه بدأ، منصبغا بأحكام الحروف كلّها في دورتها الجمعيّة الإحاطيّة، وحركة الواو عكس حركة الهاء، إذ يبتدئ ممّا بين الشّفتين، ثمّ يهتدي إلى الصّدر، فيمرّ على مخارج الحروف كما مرّ، ثمّ يعود إلى ما منه بدأ، وحركة الهاء من عالم الغيب إلى الشّهادة، لما يقتضي ذاتها من مرتبة المبتدائية، وحركة الواو من عالم الشّهادة إلى الغيب، فلهما الإحاطة والشّمول على حقائق أعيان الحروف في الدّروج والعروج في مراتب المبتدائية والمعادية، وهما منطبقان حقيقة ومعنى، ينطبق أحدهما على الآخر انطباق أوّل الدّائرة على الآخر، ولهما جمعيّة حقائق الحروف المقدّسة الرّوحانيّة كلّها الّتي هي موادّ الأسماء الإلهيّة إذا تركّب بعضها على بعض على اختلاف أوضاعها .

ومن نتائج تركيبها وآثار جمعيّتها لأصحاب العلوم الرّوحانيّة تصرّفات في العوالم الجسمانيّة والرّوحانيّة والملكوت السّفليّة والعلويّة .

وكما أنّ ظاهر النّفس الإنسانيّ مادّة الحروف الملفوظة كلّها، كذلك ظاهر النّفس الرّحمانيّ مادّة حروف الوجود ، وهو قيّوم الكلّ، لا إله إلّا هو، سبحانه أن يكون معه غيره، وهو العزيز الحكيم .

ونقل عن الجنيد قدّست أسراره «أنّه عطس رجل بحضرته فقال :

الحمد للّه، قال الجنيد: قل كما قال الحقّ : الْحَمْدُ لِلَّ هِ رَبِّ الْعَ الَمِينَ ، فقال الرّجل: من العالم حتّى يذكر مع اللّه؟ قال: الآن» ، فقال: وإنّ المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر .

فالأوّل: مقام الفاني في اللّه، الغائب عن رؤية حجابيّات الكثرة، الهائم في بيداء الغيرة .

والثّاني: مقام المحقّق الكامل الباقي ببقاء الحقّ بعد تعدّيه أطوار المراتب السّبعة في الفناء وتحقّقه بحقيقة كُلُّ شَيْ ءٍ هَ الِكٌ إِلَّ ا وَجْهَهُ أزلا وأبدا، لأنّه لم يكن شيئا مذكورا، وما كان له في نفس الأمر وجود حتّى يقال أنّه فنى، بل وجود الفناء متوهّم متخيّل، فزال الخيال لكشفه عن حقيقة الحال، ومعاينته أنّ الفاني فان في كلّ حال، والباقي باق لا يقال،

فحينئذ يقول بلسان الحقّ: الْحَمْدُ لِلَّ هِ رَبِّ الْعَ الَمِينَ وهو المعبّر عن سير الحقيقة الجمعيّة الكماليّة على مراتب الوجود، واللّه الهادي .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!