المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الخبير
الخبير بمعنى العليم، وقيل: الخبير ، هو الّذي أخبر عمّن شاء ، لا تبديل لحكمه، ولا تحويل لقوله .
اعلم أنّ تعلّق علم الخبرة تعلّق خاصّ، وهو العلم الحاصل بعد الإبتلاء، وإليه الإشارة بقوله تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّ ى نَعْلَمَ الْمُجَ اهِدِينَ ، وهو يعلم ما يكون قبل كونه لعلمه به في ثبوته، ولا يقع في مراتب الأكوان الوجوديّة إلّا ما كان ثابتا في الأعيان الثبوتيّة، ولكن أوجب الإختبار والإبتلاء لإقامة الحجّة، والإبتلاء نتيجة الدّعوى وثمرته، وهي أصله، فحيث كانت الدّعوى كان الإختبار، ومن وصف نفسه بأمر توجّه عليه الإختبار والإبتلاء، والتّكليف إبتلاء وقد عمّ، وإن لم يعمّ الدّعوى بحكمة مستورة به كما أخبر الحقّ عنه بقوله تعالى: وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لَ ا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّ هَ شَدِيدُ الْعِقَ ابِ .
فعمّت البلوى كما عمّت الرّحمة، ولكن لا يقاوم عمومها عموم الرّحمة، لأنّها عسرة واقعة بين يسرين، لكون موقعها بين رحمة الإمتنان ورحمة الغفران .
وإنّما قلنا بعموم رحمة الغفران لعموم البشارة، وهو قوله تعالى: لَ ا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّ هِ ولمّا لم يكن للكريم المطلق ظهور إلّا بالمسرفين والمذنبين عمّت البلوى ليعمّ المغفرة .