المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الحليم
الحليم الّذي لا يعجّل بالإنتقام لمن عصاه من الأنام، غفر بعد ما ستر، وعفى بعد ما نظر ، وأمهل وما أهمل، ولم يسارع بالمؤاخذة لمن عمل .
اعلم أنّ من شأن هذا الاسم إثبات الإقتدار، فإنّ صاحب العجز عن إنفاذ اقتداره لا يسمّى حليما، فلا حلم إلّا بإمهال القادر على الأخذ، وأصل الحلم في اللّغة الإفادة، ولذلك سمّي النّوم الحلم، لإفادة المعنى عن صورته، فيعبّر العارف تلك الصورة إلى المعنى الّذي جائت له، فيردّها إلى أصلها، كما أفد العلم فأظهره في صورة اللّبن، فردّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله ] وسلّم بتأويل رؤياه إلى أصلها، وهو العلم .
وقد يقع الحلم في اليقظة أيضا كظهور الملك في صورة البشر، فالمحجوب يبصر بشرا، والكامل لا يداعي إلّا الحقيقة الملكيّة، ولمّا كان مخالفة القادر يقتضي المؤاخذة والإنتقام، فأفد حكم اسم الحليم في موطنه سلطنة المنتقم بالإمهال، ولذلك قال عزّ من قائل: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ لإقتران القدرة مع الحلم والإمهال، ولا يشاء إلّا ما هو الأمر عليه، لأنّ الإرادة تتبع للعلم، والعلم يتبع المعلوم، والمعلوم ما ظهر، فلا تبديل لكلمات اللّه .