المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الكبير
الكبير الّذي احتجب برداء الكبرياء عن درك الإدراك، قال الحقّ جلّ ذكره: وَ لَهُ الْكِبْرِيَ اءُ فِي السَّمَ اوَ اتِ وَ الْأَرْضِ ، وقال تعالى: «الكبرياء ردائي» والرّداء حجاب المرتدي عن الغير، وأخبر أيضا أنّه تعالى: «ما وسعه سمائه ولا أرضه ووسعه قلب عبده المؤمن »، وقلب الشّي ء باطنه، فظاهر العبد حجاب عليه، فهو ردائه، لكونه مخلوقا على صورته، ولمّا كانت صورة الخلق عين الكبرياء للحقّ والحجاب على ذاته أو وجهه، لا يخلو الحجاب عن شهود المحتجب به لكن بوجهه الباطن، فإنّ للرّداء ظاهرا وباطنا، فيشهده الرّداء بباطنه، ومن هذا المقام قال من قال : رأيت ربّي بعين قلبي فقلت: من أنت؟ قال: أنت ولا يراه ظاهر الرّداء أبدا إلّا إذا انقلب، ولا ينقلب .
وعند صاحب هذا الشّهود يتحقّق صدق قول الفريقين: مثبت الرّؤية من الأشاعرة ومنكره من المعتزلة، ويعلم أنّ ظاهر العالم مجالى ظاهريّة للحقّ من الاسم الظّاهر تعالى للمحقّق الجامع من حيث العالم إحاطة لا يتقيّد بجهة خاصّة: فَأَيْنَمَ ا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّ هِ إِنَّ اللَّ هَ وَ اسِعٌ عَلِيمٌ أَلَ ا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ مُحِيطٌ
والرّداء حائل بين ظاهر العالم وباطن العبد، والحقّ ظاهر لباطن الرّداء أبدا، وإن لم يشعر رداء الباطن ظاهره الّذي هو الكون، فباطن الخلق حقّ، وظاهر الحقّ خلق في هذا الموطن، وبالعكس في الموطن الأوّل .