المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الحفيظ
الحفيظ الّذي حفظ على العبد توفيقه، وأسبغ عليه النّعم بتأييده، وحفظ على المعدوم عدمه، وعلى الموجود وجوده .
اعلم أنّ الحفظ فيه قطبان يدور عليهما فلك الوجود، وما يحفظ الكون إلّا بالعينين: عين الحقّ وعين الخلق، فالحقّ يحفظ على الخلق وجودهم ليفيدهم بقاء الوجود، ويستفيد سرّ العلم، فإنّ المعلوم يحفظ العلم على العالم، والعلم يتقلّب بتقلّب معلومه في أطوار الأحوال، ومن سريان أحكام الحفيظ في مراتب الكون وقع اسم الحفيظ على أفراد الممكنات، فأعيان الكائنات وأشخاص الموجودات بأجمعهم حافظون لحدود اللّه عند أهل الكشف، فإنّ لكلّ شي ء حدّا في الوجود، وموقع كلّ شي ء حدّ من حدود
الوجود، ينحفظ ذلك الحدّ بوقوع ذلك الشّي ء فيه، فكلّ شي ء عين من أعين الحقّ، كما يقال لكلّ عامل من عمّال الملوك هذا عين من عيون السّلطان، لكونه حافظا لمصلحة المملكة، ولهذا وصف الحقّ نفسه بالأعين، فقال عزّ شأنه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَ ا إشارة إلى أنّ سفينة الكون تجري من بحر الوجود بأعين الممكنات، فوجوده مجموع الخلق في الحفظ، فهو بكلّ شي ء محفوظ، كما أنّه على كلّ شي ء حفيظ .