المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
المقيت
المقيت بما قدّر قوت كلّ مقوت بحسب حاله على المقدار المعلوم .
لهذا الاسم جهتان: الإقتدار وإيصال الرّزق، فهو خالق الأقوات وموصلها إلى كلّ شي ء لقدرها وحسبها، كالأطعمة إلى الأبدان، والمعرفة إلى قلوب أهل الشهود والإيقان .
اعلم أنّ القوة عبارة عمّا لا يقوم بقاء صورة المقوت إلّا به، وهو على مقدار خاص .
والقوت إمّا علوي وإمّا سفلي، ولها خزائن ينزع منها بقدر معلوم، فأعلى الخزائن حضرة العلميّة وأدناها أفكار البشريّة وما بينهما خزائن
صوريّة ومعنويّة، والخزائن بأجمعها عند اللّه، لأنّه عين الوجود، وإنّ حضرة الوجود جامع الحضرات، لشموله على الحدوث والقدم، والخالق والمخلوق، والقادر والمقدور، والملك والمالك، ولكلّ واحد قوت لصاحبه فالآثار قوت الأسماء، لظهور كلّ اسم في مظهريّة أثرها، وتميّز بعضها عن بعض بتعقّل أعيانها في ألواح مظاهرها، فعلوّه قوت أهل السّماء من العالمين، ودنوّه قوت أهل الأرض من العارفين: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لَ كِنْ لَ ا تُبْصِرُونَ .
سئل سهل بن عبد اللّه التّستريّ قدّست أسراره عن القوة قال: ذكر الحيّ الّذي لا يموت، فقيل: نسألك عن قوة الأشباح، قال للسّائل: ما لك [ و] لها، دع الدّيار إلى بانيها، إن شاء عمّرها وإن شاء خرّبها، وما جعل الحقّ عزّ شأنه الأقوات العلويّة والسّفليّة إلّا لإزالة أمراض الإفتقار، وكلّ عبد مفتقر إلى سيّده، وخادم القوم سيّدهم، فقيام العبد بخدمة سيّده لبقاء حقيقة العبوديّة عليه وأداء حقوقها، وقيام السّيّد بمصالح عبيده لبقاء اسم السّيادة عليه، فإنّ في فناء الملك فناء اسم السّيادة، فالخادم مخدوم من الوجه الّذي به المخدوم خادم: لِلَّ هِ الْأَمْرُ جَمِيعاً وَ سَيَعْلَمُ الْكُفَّ ارُ المستور
المحجوب عن شهود الحقائق في هذه النّشأة «لمن عقبى الدّار »، فإنّه مَنْ كَ انَ فِي هَ ذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا .