المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الحسيب
الحسيب بمعنى الكافي والحاسب الّذي يعدّ على الخلائق نعمه، ليريهم مننه، ويعدّ على العبد أنفاسه، ويصرف عنه بفضله بأسه .
اعلم أنّ هذا الإسم وحكمه برزخ بين العلم والجهل، فهي حضرة الظّنّ والتّخمين، ولم يبلغ رتبتها مبلغ العلم، ولذلك وصف الحقّ أهل الحجاب بقوله تعالى: وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ، وما أحسنوا صنعا، وما كان الأمر إلّا شبهة ظهرت في صورة دليل .
ومن أحكام هذا الإسم كان نزول المتشابهات الّتي من خاض فيها نسب إلى الزّيغ، فإنّ من مال إلى إحدى الشّبهتين فقد صيّرها محكمة، فعدل بها عن حقيقتها، لأنّ المتشابه لا يقبل الميل، لتساوي شبهها بالطّرفين، فالعارف الأديب من وقف عندها ولم يحكم فيها بشي ء، وإن حكم بالكشف حكم بالوجهين، ليكون ممّن أعطى كلّ ذي حقّ حقّه كما أمر .
ومن أحكامها أيضا ظهور العدد في أعيان مراتب المعدودات ومراتب أعيان الموجودات، حتّى تخيّل وتوهّم المحجوب الكثرة والاختلافات في مراتب الأعداد ومقاصد الآحاد، وليس ذلك إلّا تكرار الواحد في كلّ مرتبة منها فكما أنّ بتكرار الواحد وبروزها ترتّبت مراتب الأعداد، وبحذفها وإسقاطها انتفت نظامها، كذلك بظهور الحقّ في المظاهر الخلقيّة ترتّبت مراتب الوجود، وتزيّنت باستهلاك ذرّات الأعيان وانطماسها في إشراق أنوار الهويّة المطلقة واحتجابها برداء الكبرياء، وتنزّلت وتجرّدت عن ملابس العدد، وظهرت حقيقيّة الواحد الأحد .