المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الواسع
الواسع لكثرة عطائه وتتابع آلائه، الّذي كثرة عطائه لا تستوفى بالحصر، وعموم آلائه لا يستقصى بالذّكر .
اعلم أنّ من عموم أحكام هذا الاسم اتّساع العطايا، وأوّل ذلك خلع الوجود، ثمّ ما يستحقّه الموجود بما به بقائه وصلاحه، سواء سرّ به أو ساء، وإن كان السّرور هو المطلوب، لكن قد يجي ء ابتداء وقد يأتي بعد ما يستوي بحسب مزاج التّركيب وقبول المحلّ للعوارض، فإنّ العوارض والوقائع من حيث الوجود أحديّ العين والحكم، [و] إنّما يختلف في الأعيان آثارها بحسب اختلاف أمزجة الأشخاص، كمن يغلب الصّفراء على حاسّة ذوقه، فيجد العسل مرّا، فإن قال: العسل مرّ صدق في ذوقه ووجدانه، وكذب في إضافته المرارة إلى العسل، وكم من مزاج يلتذّ بالأمر الّذي يتألّم به مزاج آخر، فالأمر واحد، واختلف حكمه في المحالّ بحسب أمزجتها وخصوصيّاتها وقابليّاتها، فما من الحقّ إلّا الخير، وحكم اللّذّة والألم إنّما هو بحكم القوابل، بل الشّخص الواحد ربما يتضرّر بما به ينتفع هو بعينه، كما يتأذّى بالحرّ والبرد، ويعلم أنّهما ممّا تقتضيه الفصول بسبب أذواق الخلق، فتضرّر في الحال بما هو ينتفع به في المال، فعين الضّرر عين النّفع، ولكن لا يعلم كثير من النّاس لعموم السّتر وإسبال الحجب من حضرة الواسع، فإنّه واسع المغفرة وهي السّتر، فعمّ السّتر كما عمّت الرّحمة، وما ستر إلّا بالوجود، والوجود ظهور ومظهر، فاستتر بما ظهر به .