المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الودود
الودود الّذي يودّ أوليائه ويودّونه، ويحبّهم ويحبّونه .
الودّ هو ثبوت الحبّ، فلا يؤثّر فيما سبق لهم من المحبّة معاصيهم، فإنّها ما نزلت بهم إلّا بحكمة القضاء والقدر السّابق، لا للطّرد والبعد .
اعلم أنّ الودّ مرتبة من مراتب الحبّ، فإنّ المحبّة لها أربعة أحوال، لكلّ حال اسم يعرف به :
فأوّل سقوطه في القلب يسمّى بالهوى .
ثمّ إثباته في القلب وهو الودّ .
ثمّ الخلاص عن تعلّقات الغير وتصفيته وهو الحبّ .
التفاته بالقلب التفات اللّبلابة بالشّجرة حتّى يغيّبه عن غير محبوبه وهو العشق .
فالودود هو ثابت الحبّ، فالحقّ ثابت المحبّة لعباده، فإنّ الصّانع يحبّ صنعه، والمحبّ يطلب الرّحمة من المحبوب، فمقام صبابة الحبّ الإلهيّة أوّل مرحوم، والصّبابة رقّة الشّوق إلى لقاء المحبوب، ومن هذه الصّبابة زيّنه بزينة الشّهود، وأكساه خلعة الوجود، وأدار أكواس الأفراح بين الشّاهد والمشهود، فيخاطبهم بإشارات ألحاظ الجمال، ويخاطبوه بلسان التّحنّن والأحوال .
ثمّ قال: وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ليكون الأمر مستورا بين المحبّ والمحبوب، فهو سمع المحبوب وبصره ولسانه وغير ذلك من القوى، وإن كان خلف حجاب الخرس والطّرش والعمى، فكلّ فرد من أفراد مراتب الخلق منصّة من منصّات مجالي تجلّيات الحقّ .
فمن المحبّين من يعرف محبوبة في الدّنيا معرفة شهود، فيتلذّذ بلحظاته ويتنعّم في أوقاته .
ومنهم من يتوقّف أمره في العرفان حتّى يكشف له الغطاء، فبان له أنّه كان عين الغطاء، فالعالم إنسان، والإنسان عينه، والمحبوب من الإنسان إنسان العين من العين .