المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
المتين
المتين بمعنى الشّديد، الّذي لا يحتاج إلى جند ومدد، ولا يستعين على أفعاله بأحد .
اعلم أنّ المتانة في المعاني كالكثافة في الأجسام، ومن متانة الحقّ أنّه عصم اسم اللّه أن يسمّى به غيره ملفوظا أو مرقوما، حتّى لا يفهم من هذه الكلمة أبدا إلّا هويّة الحقّ، فلا دليل على الحقّ أدلّ من هذه الكلمة إلّا الإنسان الكامل، فإنّه أدلّ على اللّه من هذه الكلمة، ولذلك سمّاه الحقّ كلمة، فكلمة اللّه لا تعلّق لها إلّا بالإنسان، والكلمة الإنسانيّة ناطقة بنفسها، فهي أقوى في الدّلالة على هويّته، ولذلك قال عليه السّلام: «إنّ أوليائي الّذين ازدادوا ذكر اللّه» .
وما ظهرت أحكام المتانة إلّا في مرآة الإنسان، وهي القوّة المتخيّلة الّتي هي آخر درجات الحسّ، ولذلك إنّ عالم الخيال أشبه شي ء بوجود الحقّ، لإلحاقه المحال بالممكن، وجمعه بين الضّدّين، فإنّ الشّخص الواحد قد تكثر نسبته فيكون أبا وابنا وعبدا وسيّدا، وهو لا يتغيّر، وأمّا إلحاقه المحال بالممكن فهو أن يرى العبد في منامه ما هو محال الوجود موجودا، وهذا ممّا لا يسع لأحد إنكاره، وما جاز هذا إلّا [ل] حضرة الخيال، وأعظم ما يظهر حكم هذا الاسم في أهل الكشف، لأنّ الّذي اعتقد في الحقّ بالدّليل النّظري إذا جاءت له شبهة أثّرت في معتقده، فجعل يبحث على [ عن ] ما يزيل الشّبهة، أو ما يثبت له ما هو أقوى من عنده، فلو كانت المتانة من صفات معتقده ما أثّرت فيه الشّبهة الواردة، فليست المتانة إلّا للحقّ المطلق عن تقييد النّظر، وهو الّذي يستند إليه العارف المحقّق، ولا يدري ما هو، لعلوّ قدر المتانة عن طور النّظر والإدراك، كما قال الصّدّيق رضي اللّه عنه: «العجز عن درك الإدراك إدراك »، فبالمتانة يكون الإستناد إليه، والعلم المستند عين نفي العلم به على علم بأنّه لا يعلم، فمتانته حجاب فلا يعرف .