المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الوليّ
الوليّ بمعنى النّاصر، هو الّذي نصر أوليائه، وقهر أعدائه، فالوليّ بحسن رعايته منصور، والعدوّ بحكم شقاوته مقهور، قال اللّه تعالى: اللَّ هُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَ اتِ إِلَى النُّورِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَ اؤُهُمُ الطَّ اغُوتُ .
اعلم أنّ حكم هذا الاسم في نصر المؤمنين على نوعين :
[ الأول ]: نصرهم بإخراجهم من ظلمة العدم إلى نور الوجود في العموم .
[ الثاني ]: وإخراجهم من مضيق العلم بهم إلى سعة العلم باللّه في الخصوص، وهو خروج العارف من ظلمة الحجاب إلى نور الشهود، فيشهد ما كان غيبا له .
فعلى الأوّل يكون وجود العبد فرعا عن أصل وجود الحقّ وعلى الثّاني يكون علم الحقّ فرعا عن أصل علم العبد، لأنّ علم العبد به فرع عن علمه بنفسه، لقوله عليه السّلام : «من عرف نفسه عرف ربّه »، فهو عين الدّليل .
وأمّا نصر الطّاغوت منعهم إيّاه عن دخول الجنّة، لكونهم على مزاج يتضرّر بنعيمها، كما يتضرّر الجعل برياح الورد .
وأمّا نصر الحقّ للمؤمنين في الدّنيا لقوله تعالى: وَ كَ انَ حَقًّا عَلَيْنَ ا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ فإن كان الألف واللّام للجنس فمن اتّصف بالإيمان فهو منصور، ومن هنا يظهر المؤمنين بالباطل في أوقات على المؤمنين بالحقّ، لا من حيث أنّهم آمنوا بالباطل، ولكن لتحقّق إيمانهم في قوّة زعمهم أنّهم ما آمنوا به من كونه باطلا، وإنّما آمنوا به لاعتقادهم فيه أنّه الحقّ، وههنا سرّ آخر، وهو أنّ الإيمان إذا قوي في صاحبه بما كان، فله النّصر على الأضعف، كيف والمشرك مؤمن بوجود الحقّ وإن لم يؤمن بالتّوحيد وبعض الرّسالة، فهو بوجه ممّن آمن بالحقّ، لكنّ إيمانه لم يبلغ قوّة إيمان المؤمن بالحقّ من حيث أحديّته، وهذا من أسرار تسمية الحقّ أهل الباطل مؤمنين: وَ مَ ا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّ هِ إِلَّ ا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ .