المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الحيّ
لتحقيق ما نسب إليه ممّا لا يتّصف به إلّا الحيّ .
اعلم أنّ الحياة للحيّ القديم كنور الشّمس للشّمس ، يتنوّر بنورها كلّ من قابلها ، كذلك الحيّ بذاته يحيى به كلّ من يراه، وما يغيب عنه شي ء، فكلّ شي ء حيّ، ولمّا كانت حياة الأشياء فيضا من حياة الحيّ المطلق عليها، فالأعيان الثّابتة حيّة في حال ثبوتها، ولو لا حياتها ما سمعت قول كن بالكلام الّذي يليق بحاله ، فلمّا ثبت سماعها وإجابتها لأمر الحقّ تحقّق حياته، وما عثر عليها إلّا المحقّقون من الكمّل، فالعارف لا يزال في حياته الطيّبة بهذا الشهود، وهو أعظم نعيم أهل الكشف وألذّ العيش، وإن ظهر على ظواهرهم آثار الآلام العادّية، فلا ينافي ذلك طيب حياتهم ولذّة عيشهم، فإنّ الآلام الجسمانيّة لا تقابل النّعم الرّوحانيّة، بل تستهلك عند سطوتها، لقوّة غلبة المعنى على الصورة، فالمحجوب إذا رأى بلاء في الوليّ يحمل ذلك على حاله الّذي يجده من نفسه عند نزول البلاء من الضّجر والغمّ والحزن، وحكم البلاء في نفس الوليّ بخلاف ما يتوهّم هذا المحجوب، فإنّ صورة ذلك صورة بلاء، والمعنى عافية ونعمة، لا يعقلها إلّا أهلها .