المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الواحد
الّذي لا ينقسم من حيث ألوهيّته، ليس لوجوده أمد، ولا يجري عليه حكم أحد .
اعلم أنّ في مضمون هذا الإسم رجاء للعموم وفتحا للمخصوص، وهو خطابه للكلّ بقوله: وَ إِلَ هُكُمْ إِلَ هٌ وَ احِدٌ لَ ا إِلَ هَ إِلَّ ا هُوَ ومن عند غيره قال: مَ ا نَعْبُدُهُمْ إِلَّ ا لِيُقَرِّبُونَ ا إِلَى اللَّ هِ زُلْفى فما أشرك من إلّا بسبب، وإن وقع الخطأ فالوقوع من نظرهم ، ومن قصدك لأجل أمر فذلك الأمر هو مقصوده على الحقيقة، ومن أحبّك لأمر لولّى بانقضائه ، ولهذا ذكر الحقّ أنّهم يتبرّأون منهم، وما أوخذوا إلّا من كونهم أنّهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم، لأنّهم جهلوا قدر الحقّ سبحانه وتعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَ اوَ اتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّ هُ وانظر إلى قوله تعالى: فَأَيْنَمَ ا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّ هِ ، فوجه الحقّ موجود في كلّ جهة يتولّى العبد إليها، ومع هذا لو تولّى العبد في صلاته إلى غير الكعبة مع علمه بالجهة لم تقبل صلاته، لأنّ اللّه تعالى شرع له استقبال الكعبة في حالة الصّلاة خاصّة، وإذا تولّى في عبادة أخرى غير الصّلاة إلى أيّ جهة شاء فهي مقبولة .
ومن خصائص الكون أنّه يقبل الأضداد من حيث أحديّة عينه، وهي أحكام أعيان الممكنات في العالم الّذي يظهر الأسماء الإلهيّة المتضادّة بظهورها .
ومن أهل الشّهود: من يرى كثرة الأحكام لظهور كثرة الأسماء .
ومنهم: من يرى كثرة الأسماء لظهور كثرة الأحكام في أحديّة عين الحقّ .
فإذا علمت ذلك، فاعلم أنّ اللّه تعالى واحد في كلّ شرع عينا، لكن لمّا كثرت أدلّته العقليّة تكثّرت العقائد باختلافها فيه، وكلّها حقّ، ومدلول الكلّ صدق، وكذلك تختلف مشارب أذواق أرباب القلوب وأهل الكشف، لكثرة اختلاف التجلّيّات الصوريّة والمعنويّة والطّبيعيّة والرّوحانيّة والنّورانيّة مع أحديّة العين .
ولمّا كان الأمر على هذا النّمط فلا يمكن للمحقّق أن يخطّئ قائلا من أهل النّظر أو الشّهود، وإنّما الخطاء في إثبات الشّريك، والمشرك قائل بما ليس له وجود، والشّريك عدم، ولذلك لا يغفره الحقّ، لأنّ الغفر ستر ولا يستر إلّا من له وجود، والشّريك عدم ، فأيّ شي ء يستر، فإنّه لا عين هنالك [حتّى ] تتعلّق له المغفرة .
واعلم أنّ الأحد اسم لفرد لا يشاركه شي ء في ذاته، والواحد اسم لفرد لا يشاركه شي ء في صفاته .
فوحدة الحقّ عزّ شأنه ليس بتوحيد موحّد، ولا بتوحيده لنفسه، فتكون أحديّته مجعولة، لكنّه تعالى واحد بنفسه لنفسه، وأحديّته ذاتيّة، وهو تفرّده بالرّتبة الإلهيّة ، وحده لا شريك له .