المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الصّمد
هو السّند الّذي يلجأ ويقصد إليه في الحوائج والنّوائب، فصمديّة الحقّ من حيث أنّه: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّ ا عِنْدَنَ ا خَزَ ائِنُهُ والخزائن غير متناهية، لكنّ أقسام كليّاتها ترجع إلى العلويّة والسّفليّة والغيبيّة والشّهاديّة والثبوتيّة والوجوديّة، وكلّها عند الحقّ، ومفاتيحها بيده يفتحها لمن يشاء إذا شاء بما شاء، واختصّت المختزنات الثبوتيّة والأعيان الوجوديّة بالإفتقار، فإنّ الحقائق الثبوتيّة تقتضي الخروج من تلك الخزائن إلى الوجود، لرجحان
قبول الوجود في ذاتها، وكذلك ألقى الإفتقار في الموجود منها، ليسأل الموجود [اللّه ] تعالى شأنه إيجاد ما لم يوجد نيابة عنه، والإفتقار إليه، فهو في سؤاله معين المختزن علي خروجه، وأمّا الخزائن الوجوديّة فإنّما هي أعيان الممكنات، وكلّ خزانة من الخزائن الوجوديّة مخصوصة بما لا يوجد في غيرها من الخزائن، ولذلك افتقر بعضها إلى بعض، وهو طلب كلّ واحد منها ما عند غيرها، كاحتياج زيد إلى ما عند عمرو، فيفتقر زيد إلى اللّه فيما يحتاج إليه من عند عمرو، فيسلّط الحقّ باعثا على عمرو يقضي حاجته بما عنده بأيّ وجه كان، فالكون كلّه خزائن بعضه لبعض، ومخزون كلّه من وجه، والمخزون لا يزال في الإنتقال من خزانة إلى خزانة، وكلّها عند اللّه وبيده، فهو الصّمد الّذي يقصد إليه في الأمور، ويلجأ إليه في نوائب الدّهور، ولمّا كانت الكيفيّات والإفتقار موزّعة على أفراد أشخاص مراتب الوجود، فلكلّه عين ، لكنّ أعيان الوجود [لها] حظّ من الصّمديّة فيما لا يظهر إلّا به، ولذلك نهينا أن نصمد في صلاتنا إلى السّرّة صمدا، فهو إشارة إلى الغيرة الإلهيّة، وأنّه لا ينبغي للعبد أن يصمّد صمدا إلّا الصّمد المطلق عزّ سلطانه .