المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
المعطي
المعطي الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى .
اعلم أنّ العطاء الإلهيّ في أهل التّحقيق على نوعين :
[ الأوّل ]: امتنان .
[ الثّاني ]: وواجب .
فعطاء الامتنان خلعة الوجود، فإنّه تعالى بكمال جوده وعموم رحمته أنعم على أعيان العالم بمقتضى الجود، وأكساهم كسوة الوجود .
وأمّا عطاء الوجوب خصّ بها قوم منعوتون بقوله: فَسَأَكْتُبُهَ ا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَ اةَ في موطن الجزاء .
ثمّ يعمّ عطاء الإمتنان وهي الرّحمة الّتي وسعت كلّ شي ء بأنعام يليق بأهل المواطن وأمزجة أهل الدّرجات والدّركات، فلأهل كلّ دار نعيم من العطاء الإلهيّ ، لا يشعر بها غير أهلها: كُلًّا نُمِدُّ هَ ؤُلَ اءِ وَ هَؤُلَ اءِ مِنْ عَطَ اءِ رَبِّكَ وَ مَ ا كَ انَ عَطَ اءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فعمّ العطاء للكلّ مع اختلاف المشارب والأذواق، فما في الكون عين إلّا ويشمله العطاء، بل هو عين العطاء، فبالعطاء انتظمت أمور العالم، وبالعالم ظهرت أحكام العطايا، فأوّله تكوين وآخره تتميم، ولا نهاية للتّكوين، فأحكام اسم المعطي دايم بدوام التّكوين .