المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
البديع
البديع بمعنى المبدع، هو الّذي يخلق بلامثال سابق، لا شبيه له في الإبداع، ولا شريك له في الإختراع .
اعلم أنّ أكثر ما يظهر حكم هذا الاسم في حضرة الخيال، فإنّ من شأن هذه القوّة [قوّة الخيال ] إبداع المعاني وإنزالها في صورة الألفاظ، لينتقل المعنى إلى الصورة الحسّيّة، ولا قدرة لها على عكس هذا الأمر، فالإبداع أمر خياليّ وإن ثبت ظهور سلطانه في الكون، فالكون خيال، «فإنّ النّاس نيام »، فالنّوم خيال، ونوم النّائم خيال في خيال، ومن هذا الوجه قال من قال : أنّ العالم ما هو عين الحقّ، فإنّما هو ما ظهر في مرآة وجود الحقّ، كم
تحدث الصورة في المرآة ينظر النّاظر فيها، فالصورة ما هي عين النّاظر، ولا النّاظر عين ما ظهر في المرآة، كذلك الأمر في وجود العالم والحقّ، وهو إمّا أن تكون الأعيان مجالي آثار تجلّيات الحقّ ومظاهره، وهو الظّاهر في المظاهر بحسب قابليّاتها وخصوصيّاتها، أو تكون عين الوجود المطلق عين المرآة، فترى الأعيان من مرآة الوجود وما يقابلها فيه، ويترائى بعضهم من حيث ما هي عليه من غير زيادة ونقصان، فانظر كيف شئت فإنّه لا يخلو من إبداع، فما في الوجود إلّا مبتدع، وإن ترى ما لها أمثال من بياض وسواد وحركة وسكون، فاعلم أنّ الحركة في كلّ متحرّك يسمّى حركة، فيتخيّل المتخيّل أنّها أمثال، وليس الأمر كذلك، فإنّ الحركة من حيث عينها حقيقة واحدة، وحكمها سرى في كلّ متحرّك، فهي في ذاتها لا مثل لها، وكذلك البياض والسّواد، والإبداع الحقيقيّ هو الوجه الخاصّ الّذي للحقّ في كلّ شي ء، وبه يمتاز ذلك الشّي ء عن سائر الأشياء .