موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

تتمّة الكلام على هذه الآية بمقتضى الوعد السابق

 

 


لا شكّ أنّ لك مستندا في وجودك، ولا شكّ أنّه أشرف منك، وسيّما من حيث استنادك إليه ؛ فإنّ الرتبة الأولى لها الفعل والغنى، وللثانية الفقر والانفعال، فأشرف توجّهاتك نحو مستندك وأشرف أحوالك ـ من حيث سيرك إليه وقصدك له للقرب منه، والاحتظاء به، معرفة وشهودا ومكانة وتمكينا ـ أن تقصده بقلبك الذي هو أشرف ما فيك، فإنّه المتبوع لجملتك بتوجّه مطلق جملي، لا من حيث نسبة أو اعتبار معيّن علمي أو شهودي أو اعتقادي يستلزم حكما بنفي أو إثبات بصورة جمع أو فرق وسواهما من الاعتبارات المتفرّعة على النفي والإثبات، كالتنزيه والتشبيه وغيرهما ممّا هو تابع لهما، ما عدا النسبة الواحدة التي لا يصحّ سير ولا توجّه ولا رجاء ولا طلب بدونها، وهي نسبة تعلّقك به وتعلّقه بك. أو قل : تعقّله لك وتعقّلك له من حيث تعيّنه في علمك أو اعتقاد لك ولو ارتفعت هذه النسبة كباقي الاعتبارات، لم يصحّ السلوك، ولا الاستناد ولا غيرهما، ولا تظنّنّ أنّ هذا الحال إنّما هو بالنسبة إلى المحجوب فقط، بل ذلك ثابت في حقّ العارف المشاهد أيضا ؛ فإنّه ـ ولو بلغ أقصى درجات المعرفة والشهود ـ لا بدّ وأن يبقى معه اعتبار مبق للتعدّد علما لا عينا، ولو لا ذلك الاعتبار، لم تثبت مرتبة شاهد ولا مشهود ولا شهود، ولا كان سير ولا طلب، ولا بداية ولا غاية ولا طريق، ولا فقر ولا تحصيل، ولا توقّع ولا وصول ولا لسان ولا بيان، ولا رشد ولا رشاد، ولا ضالّ ولا هاد، ولا غير ذلك ولا «من هنا» ولا «إلى هنالك»، فافهم.

ثم إنّ العارف قد يرى هذه النسبة الباقية، بعين الحقّ ومن حيث هو سبحانه، لا من حيث نفسه، ولا بعينه وبحسب مرتبته، فيحكم بأنّ مشاهدة تلك النسبة الباقية لا تقدح في تجريد التوحيد، وربما ذهل عنها ـ لقوّة سلطنة الشهود ـ أو حجبته سطوة التجلّي عن إدراكها، لكن عدم إدراكه لها لا ينافي بقاءها في نفس الأمر ؛ لأنّ عدم الوجدان لا يفيد عدم الوجود.

وإذا تقرّر هذا وعرفت أنّه لا مندوحة من بقاء نسبة قاضية بامتيازك عنه واحتياجك إليه ـ ولو فرضت أنّها نسبة تعقّل امتيازك عنه بنفس التعيّن فقط ـ فاجمع همّك عليه، وخلّص توجّهك إليه من أصباغ الظنون والاعتقادات والعلوم والمشاهدات وكلّ ما تعيّن منه لك أو لسواك، أو كان ممّا منعه غيرك وخصّك به دون الخلق وحباك وقابل حضرته ـ بعد تخليص توجّهك على النحو المذكور ـ بالإعراض في باطنك عن تعقّل سائر الاعتبارات الوجوديّة والمرتبيّة الإلهيّة الأسمائيّة، والكونيّة الإمكانيّة إعراض سائل [و] حر عن الانقهار بحكم شيء منها والتعشّق به، ما عدا تلك النسبة المعيّنة بينك وبينه، من حيث عينك لا عينه، فتكون متوجّها إليه من حيث ثبوت شرفه عليك وإحاطته بك وبما لديك توجّها هيولانيّ الوصف، معتليا على الصفات والأسماء على ما يعلم نفسه في أكمل مراتب علمه بنفسه وأعلاها وأوّلها نسبة إليها وأولاها دون حصر في قيد أو إطلاق أو تنزيه أو تشبيه، كما قلنا أو نفيهما، أو الحصر في الجمع بينهما، بقلب طاهر أخلص من هذا التوجّه، قابل لأعظم التجلّيات ولتفني وحدة توجّهك الخالص المحرّض على التجلّي به سائر متعلّقات علمك وإرادتك، فلا يتعيّن لك معلوم، ولا مراد ولا حال ولا صفة إلّا توجّهك الذاتي الكلّي المذكور المنزّه عن كلّ تعين. ومتى تعيّن لك أمرا ـ إلهيّا كان أو كونيّا ـ كنت ـ بحسبه وتبعا له من حيث هو، لا من حيث أنت ـ بحيث إنّه متى أعرضت عنه عدت إلى حالك الأوّل من الفراغ التامّ بالصفة الهيولانيّة المطلقة المذكورة، بل وزمان تبعيّتك لما تعيّن لك، إنّم

تعيّن له من نفسك الأمر المقابل والمماثل له من نسخة وجودك، فنسبة ذلك الأمر إلى ما تعيّنت نسبة منك نسبة التعيّن إلى المتعيّن، فإذا قابلت التعيّن بتعيّن مثله ـ كما بيّن لك ـ ظهر الجزاء الوفاق، والعدل التامّ، وما سوى ما تعيّن منك من ذاتك فباق على إطلاقه، لا صفة له ولا اسم ولا كيفيّة ولا وسم ولا تعيّن ولا رسم، كما هو الحقّ سبحانه ؛ فإنّه ما تعيّن من ذاته بالنسبة إلى عرصة الألوهة ـ التي هي مرتبته ـ إلّا ما استدعته استعدادات الأعيان المتّصفة بالوجود المنبسط منه وهو ـ من حيث ما عدا ما استدعته وتعيّن بها وبحسبها ـ باق على الطلسة الغيبيّة الذاتيّة، منزّه عن التقييد بصفة أو اسم أو حكم أو حال أو مرتبة أو رسم، فافهم، وسل ربّك أن تتحقّق بذلك لتكون على صورته، وظاهرا بسورته.

وكلّ حال ـ ينتقل فيها السائرون إلى الله، الماشون على الصراط المستقيم بنفس تنقّلهم في تلك الأحوال من حال إلى حال، ومن حكم إلى حكم، تأثيرا وتأثّرا ـ هو حكم حالك المطلق المذكور، كما أنّ مرجع الألوان المختلفة التفصيليّة إلى مطلق اللون الكلّي الذي هو أصلها، فسير هذا اللون المطلق الذي هو المثال نحو الكمال الخصيص بحقيقته هو بالألوان تنويعا وتفصيلا، وإتيانا وتوصيلا، وكمال جميعها في عودها إليه توحّدا وتضوّلا فالمح ما أشرت إليه، وأضفه إلى ما سلف من أمثاله تعرف غاية الغايات، وكيفيّة المشي على الصراط المستقيم الخصوصي، المتصل بأعلى رتب النهايات، حيث منبع السعادات ومشرع الأسماء الإلهيّة والصفات (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) و (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) .


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!