المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
وصل في قوله : (وَلَا الضَّالِّينَ)
قد سبق في تفسير هذه الكلمة نكت نفيسة بلسان الظاهر والباطن وغيرهما، تنبّه على جملة من الأسرار، وسنذكر الآن تمامها ـ إن شاء الله تعالى ـ، فنقول :
أمّا بيان ما بقي من ظاهرها فهو أنّ هذه الكلمة معطوفة على قوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)، فهو استثناء تابع لاستثناء لا غير.
وأمّا الواجب بيانه هنا فتعيين مراتب الضلالة، وأهلها وأحكامها. ولنقدّم مقدّمة كلّية نافعة قريبة من الأفهام، ثم نشرع في التفصيل.
اعلم، أنّ إضلال الحقّ عبده هو [عدم عصمته إيّاه عمّا نهاه عنه]، وعدم معونته وإمداده بما يتمكّن به من الإتيان بما أمره به، أو الانتهاء عمّا نهاه عنه.
وسرّ الإضلال والاستهزاء والمكر والخداع ونحو ذلك ـ ممّا أضافه الحقّ إلى نفسه، وتحيّر أكثر العقول عن نسبته إلى الحقّ تنزيها له ـ هو من باب تسمية الفرع باسم الأصل ؛ إذ مكر العبد ـ مثلا ـ واستهزاؤه هو الأصل المتقدّم الجالب ما ذكر، والمسمّى مكرا واستهزاء وغير ذلك من هذه الأوصاف التي لا يعرف الأكثرون كمالها إنّما يظهر ويتعيّن بهذا الحكم من سرّ (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) فافهم، والله المرشد.
nbkuhZJSGVI