موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

أحكام العلم ونسبه

 

 


ثم نقول : والعلم وإن كان حقيقة واحدة كلّيّة فإنّ له أحكاما ونسبا تتعيّن بحسب كلّ مدرك له في مرتبته، وبتلك النسبة المتعيّنة بحسب المدرك وفي مرتبته لم يتجدّد عليها ـ كما بيّنّا ـ ما ينافي الوحدة العلميّة الأصليّة غير نفس هذا التعيّن الحاصل بسبب المشاهد وبحسبه كما أنّ حقيقة العلم لا تتميّز عن الغيب المطلق إلّا بما أشرت إليه في أوّل الفصل.

فإذا شاء الحقّ تكميل تلك النسبة العلميّة في مظهر خاصّ وبحسبه، فإنّ ذلك التكميل إنّما يحصل بظهور أحكام العلم وسراية آثاره إلى الغاية المناسبة لاستعداد المظهر، والمختصّة به.

وهكذا الأمر في سائر الحقائق ؛ فإنّ كمالها وحياتها ليس إلّا بظهور أحكامها وآثارها في الأمور المرتبطة بها التي هي تحت حكم تلك الحقيقة، وبحسب حيطتها ولكن بواسطة مظاهرها.

فكمال العلم هو بظهور تفاصيله ونسبه، والتفاصيل بحسب التعلّقات، والتعلّقات على قدر المعلومات، والمعلومات تتعيّن بحسب حيطة المراتب التي تعلّق بها العلم، وبحسب ما حوت تلك المراتب من الحقائق ؛ فإنّ سائرها تابع للعلم من حيث أوّليّته وأحديّته وإحاطته وتعيّنها بالنسبة إلى كلّ عالم حسب قيوده المذكورة.

فإذا حصل التعلّق من تلك النسبة الوحدانيّة العلميّة بالمعلومات على نحو ما مرّ، تبعه التفصيل إلى الغاية التي ينتهي إليها حكم تلك النسبة، فإذا فصّل المدرك ذلك بحسب شهوده الوحداني، وكسا العلم صورة التفصيل والظهور من الغيب إلى الشهادة، حتى ينتهي إلى الغاية المحدودة له، كان ذلك تكميلا منه لتلك النسبة العلمية بظهور حكمها وسراية أثرها بمتعلّقاتها وفيها، وتكميلا لمرتبته أيضا، من حيث مقام علمه وحكمه فيه، وما يخصّه من الأمور التابعة لتعيّنه .

فمتى تكلّم عارف بعلم ذوقي وأظهره، وكان محقّقا صحيح المعرفة، فلما ذكرنا من الموجبات وهكذا كلّ مظهر بالقصد والذات حكم حقيقة من الحقائق، أو حاضر مع الحقّ تعالى من كونه محلّا ومجلى لظهور تلك الحقيقة، دون سعي منه أو تعمّل، ولكن كلّ ذلك بالإذن المعيّن، أو إذن كلّي عامّ. وما ليس كذلك من العلوم والعلماء فليس بعلم حقيقي إلّا بنسبة بعيدة ضعيفة، ولا يعدّ صاحبه عند أكابر المحقّقين عالما بالتفسير المذكور ؛ فإنّ صاحب العلم الحقيقي هو الذي يدرك حقائق الأشياء كما هي وعلى نحو ما يعلمها الحقّ بالتفصيل المشار إليه، مع رعاية الفروق المنبّه عليها.

ومن سواه يسمّى عالما بمعنى أنّه عارف باصطلاح بعض الناس، أو اعتقاداتهم، أو صور المفهومات من أذواقهم، أو ظنونهم، ومشخّصات صور أذهانهم، ونتائج تخيّلاتهم ونحو ذلك من أعراض العلم ولوازمه وأحكامه في القوابل. وما هو فيه هذا الشخص من الحال إنّما هو استعمال من المراتب الإلهيّة له ولأمثاله من المتكلّمين بالعلوم، والمظهرين أحكام الحقائق والظاهرة بهم وفيهم.

فإن رقّاه الحقّ إلى مقام العلم الحقيقي فإنّه يعلم أنّ الذي كان يعتقد فيه أنّه علم محقّق

كان وهما منه وظنّا، سواء صادف الحقّ من بعض الوجوه وأصاب، أو لم يصادف، بل وجد ما كان عنده علما من قبل ظنّا فاسدا، ويدرك حينئذ ما أدركه أمثاله من أهل هذا الذوق العزيز المنال حسب ما شاء الحقّ سبحانه أن يطلعه عليه.

و إن لم تتداركه العناية الإلهيّة، فإنّه لا يزال كذلك حتى ينتهي فيه الحكم المراد، ويبلغ فيه الغاية المقصودة للحقّ تعالى من حيث المرتبة المتحكّمة فيه، وهو لا يعرف في الحقيقة حال نفسه، ولا فيما ذا ولما ذا يستعمل، وما غاية ما هو فيه، وما حاصله، أو حاصل بعضه على مقتضى مراد الحقّ تعالى، لا ما هو في زعمه حسب ظنّه.

وهكذا حكم أكثر العالم وحالهم في أكثر ما هم فيه مع الحقّ سبحانه بالنسبة إلى باقي الحقائق أيضا غير العلم، كما لوّحت بذلك في سرّ التجلّي ؛ فليس التفاوت إلّا بالعلم ولا يعلم سرّ العلم ما لم يشهد الأمر من حيث أحديّته في نور غيب الذات على النحو المشار إليه.

وإذا عرفت الحال في العلم، فاعتبر مثله في جميع الحقائق، فقد فتحت لك بابا لا يطرقه إلّا أهل العناية الكبرى والمكانة الزلفى.

فاعلم، أنّ الفرق بين المحقّق المشار إليه وغيره هو خروج ما في قوّته إلى الفعل، وعلمه بالأشياء علما محقّقا، واطّلاعه على إثباتها، بخلاف من عداه، وإلّا فأسرار الحقّ مبثوثة، وحكمها سار وظاهر في الموجودات، ولكن بالمعرفة والاطّلاع والإحاطة والحضور يقع التفاوت بين الناس، والله وليّ الإرشاد.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!