المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
العلم يصحب التجلّي الذاتي
فمتى حصل تجلّ ذاتي غيبي على نحو ما سلف شرحه فإنّ العلم يصحبه ولا بدّ ؛ لأنّ صفات الحقّ سبحانه وتعالى ليس لها في مرتبة غيبه ووحدته تعدّد، والصفة الذاتيّة كالعلم في حق الحقّ لا تفارق الموصوف ولا تمتاز عنه.
فمن أشهده الحقّ تعالى ذاته شهودا محقّقا ؛ فإنّ ذلك الشهود يتضمّن العلم، ويستلزمه ضرورة، ولتقيّد حكم التجلّي بحسب المشاهد وقيوده المذكورة كانت النتيجة العلميّة في كلّ مشهد وتجلّ نتيجة جزئيّة ؛ إذ لو لا تلك القيود والأحكام اللازمة لها كان من أشهده الحقّ تعالى ذاته برفع الوسائط علم علم الحقّ سبحانه وتعالى في خلقه إلى يوم القيامة، كما علمه
القلم الأعلى، ولكن بحسب المرتبة الإنسانيّة الكماليّة من حيث جمعيّتها الكبرى وحيازتها سرّ الصورة. ولو لا الأحكام التمييزيّة الثابتة بين الحقّ سبحانه وما سواه ـ الآتي ذكرها ـ كان الأمر أجلّ وأعظم.
هذا، مع أنّ للكمّل من هذا الأمر المشار إليه حظّا وافرا، ولكن عدم الانفكاك التامّ عن القيود من كلّ وجه، ومقام الجمعيّة الذي أقيموا فيه، المنافي للانحصار تحت حكم حالة مخصوصة وصفة معيّنة ومقام مقيّد متميّز ـ كما مرّ ذكره ـ يقضيان بعدم دوام هذه الصفة واستمرار حكمها وإن جلّت، وهكذا أمرهم وشأنهم مع سائر الصفات والمراتب. والمانع لغير الكمّل ـ ممّا أشرنا إليه ـ الحجب الكونيّة والقيود المذكورة، وكونهم أصحاب مراتب جزئية، لا استعداد لهم للخروج من رقّها، والترقّي إلى ما فوقها.
nbkuhZJSGVI