موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

الميم

 

 


فمن حيث سريان حكم الإرادة وإتمام الدورة ظهر بجميع الأعداد البسيطة وهي التسعة ؛ فإنّ الميم في الصورة الظاهرة ميمان لكلّ ميم أربعون، وللياء المتوسّطة عشرة، فصارت الجملة تسعين. والتسعون هي التسعة بعينها لكن في مراتب العشرات، وكذلك حكم الميم مع السين والسين مع الباء باعتبار السابق والتثنية التي ذكرتها في حكم القلم واللوح.

ثم نرجع إلى الميم ونقول : فظهرت الياء ـ التي لها العشرة ـ بين صورتي الميم ؛ لأنّ الوسط مقام الجمع الذي منه تنشأ الأحكام، وسكونها إشارة إلى الخفاء الذي هو شرط في التأثير ؛ فإنّ الأثر فيما ظهر راجع إلى المراتب الغيبيّة، فكلّ أثر يشهد من كلّ ظاهر فإنّما ذلك بأمر باطن فيه أو منه، وهكذا خفي حكم الإرادة في المراتب المتقدمة عليها، ثم ظهر بظهور متعلّقها الذي هو المراد، وقد أشرت إلى ذلك من قبل.

ولهذه الآخريّة والجمع اختصّ الميم بالإنسان، كما أخبر به سيّدنا وشيخنا رضى الله عنه، فعلى هذا كان احتواء الميم على التسعة من وجه والتسعين من وجه إشارة إلى استيفائه أحكام أسماء الإحصاء، وحكمه في هذه الإحاطة والدور المذكور.

واختصاصها بالإنسان ـ الذي هو آخر الموجودات ظهورا ـ من حيث صورته، نظير التجلّي الحبّي الأوّل، الذي دار في الغيب على نفسه الدورة الغيبيّة المذكورة حتى كان مفتاح سائر البواعث الحبّية المستجنّة في حقائق الممكنات، ومفتاح الحركات الدوريّة العشقيّة المنبّه عليها عند الكلام على سرّ بدء الإيجاد.

فمن أحكام الباء الدلالة على التثنية الأولى، المنبّهة على الجمع وأوّليّة المرتبة الكونيّة التالية للأحديّة الإلهيّة، وعلى الألف الغيبي المختصّ بالأحديّة المعقول بينه وبين السين.

ومن أحكام السين الدلالة على ما دلّ عليه حرف الباء، وعلى النسب التي تستند إليها الأرواح المهيمنة قبل الباء، كالأسماء الباطنة الأصليّة وغيرها ممّا سبق التنبيه عليه في سرّ بدء الأمر وانفصال الشطر الغيبي، ونظير ذلك في النفس الإنساني مخارج الحروف التي

بين الهمزة التي لها التعيّن الأوّل وبين الباء الذي هو آخر الغيب وأوّل الشهادة.

ومن أحكام الميم الدلالة على سرّ حضرة الجمع الذي ظهرت صورته من بعد ظهور المدلول بعد الدليل وهو الاسم «الله» لاختصاص الميم بالإنسان الذي هو أتمّ دليل على الحقّ وأسدّه، فظهر الاسم «الله» بألفين ولا مين وهاء.

فالألف الواحد لنسبة الاسم «الباطن» وهي الظاهرة في النطق لا في الخطّ كظهور الاسم «الباطن» بأثره لا بعينه، والألف الآخر الظاهر للاسم الظاهر الأوّل.

وإحدى اللامين لنسبة ارتباط الحقّ بالعالم من كونه ظاهرا بحقائق العالم. والأخرى لنسبة ارتباط العالم بالحقّ من حيث ظهور العالم بعضه للبعض في غيب الحقّ، والحقّ المظهر والمرآة، كما قد أشرت إليه في سرّ العلم والوجود والتقدم والتأخّر، عند الكلام على مراتب التمييز.

والهاء للهويّة الغيبيّة الجامعة بين الأوّل والآخر، والباطن والظاهر.

فاستحضر من الأسرار الخمسة، وتذكّر الحضرات الخمس والأسماء الأصليّة الأربعة، والسرّ الجامع بينهما، وكذلك النكاحات الخمسة، والحكم الخماسي الظاهر في الحروف والنقط والإعراب، وانظر جمعيّة الاسم «الله» لسائرها .

ثم انظر إلى سرّ الهاء الذي له جمع الجمع من حيث الأمر ومن حيث المرتبة، وكيف اختصّ من الأعداد بالخمسة، وتدبّر أيضا التثليث والتربيع المذكورين، وسريان حكمهما وتأمّل كيف كان كلّ كلمة من كلمات البسملة جامعا لهما من وجه، محلّا لحكمهما.

والاسم «الله» إذا جمعت حروفه الظاهرة والباطنة كانت ستّة على رأي شيخنا رضي الله عنه : الألف، واللامان، والألف الظاهرة في النطق لا في الخطّ، والهاء، والواو الظاهرة بإشباع الضمّة. وإذا أضفت إلى هذه الستّة الحقيقة التي يدلّ عليها هذا الاسم أعني الألوهيّة التي هي عبارة عن نسبة تعلّق الحقّ من حيث ذاته بالأسماء المتعلّقة بالكون، كانت سبعة، فافهم.

وانظر سريان حكم الحقائق التي نبّهت على سرّها، وهكذا الاسم الكلّي «الرّحمن» التالي لهذا الاسم الجامع، والمشارك له في الجمع والحكم والإحاطة، كما أخبرنا سبحانه، وكما نبّهت عليه في هذا الكتاب وفي مفتاح غيب الجمع ؛ فإنّ حروفه ستّة، والسابع هو الألف الغيبي المعقول بين الميم والنون، الذي هو مظهر أحديّة الجمع، فتذكّر.

ولمّا كانت كلمة «بسم» من حيث الظاهر لم تجمع هذا السرّ السباعي الذي هو التثليث والتربيع، تمّ ذلك بالإضمار الذي به صحّ «بسم» أن يكون كلمة، فتقديره : بدأت أو أبدأ مع لفظة «بسم» تجمع التثليث والتربيع المنبّه عليهما.

وهكذا ينبغي لك أن تستحضر سرّ الغيب الذاتي من حيث الإطلاق الرافع للاعتبارات، ومن حيث التقيّد باعتبار واحد، ثم سريان ذلك في المقدّمتين الموجبتين انقسام الغيب بشطرين، ثم نسبتي الرحمة والغضب، اللتين نبّهت عليهما، ونسبة الوحدة الصرفة باعتبار كونها وحدة فقط، ونسبتها من حيث استناد الكثرة إليها، وحكم الباء المستندة إلى هذه التثنية، والسين المنبّه على الكثرة التالية، وكاللوح مع القلم والكرسيّ ـ الذي هو محل التقسيم الظاهر في عالم الصور ـ بالنسبة إلى العرش الوحدانيّ الصفة، والكلمة والأمر، والإحاطة والعموم لسرّ الاسم «الرّحمن» المستوي عليه، وسرّ الاسم «المدبّر» المختصّ بالقلم، وكذلك سرّ الاسم «المفصّل» المختصّ باللوح، وظهور تخصيصه وتميّزه بالاسم «الرّحيم» في الكرسي الكريم.

وانظر عموم حكم الحقّ وإحاطته وجمعيّته، من حيث ذاته ومن حيث أسمائه الكلّيّة، ثم اندراج الجميع جملة في الاسم «الله»، وتفصيلا في الاسمين : «الرّحمن» و «الرّحيم» ثم اندراج الجميع في هاء الاسم «الله» الذي هو مظهر الغيب الذاتي.

وانظر حكم الحضرات الخمس مع النسبتين الأوليين المنبّه عليهما، اللتين بهما ظهر السرّ السباعي وتمّ.

وانظر حكم المرتبة الأولى كيف سرى فيما تحتها من المراتب من غير انخرام ولا اختلال تعرف بعض الأمر ممّا تسمع وتستروح صحّته لئلّا تظنّ أنّه اعتبار، أو تأويل، أو كلام نتج عن حدس وتخمين، بل ذلك تنبيه عزيز على أسرار إلهيّة غامضة، وترتيب شريف رتّبه ربّ لطيف عليم خبير.

ثم أقول : ولست أسلك هذا المسلك في تفسير هذه السورة وإنّما ذكرت هذا القدر تعريفا بما أودع الحقّ كتابه العزيز، وسيّما هذه السورة التي هي أنموذج ونسخة لكتابه الكريم، بل لسائر كتبه من الأسرار الغريبة، والعلوم العجيبة ليعلم أنّه رتّب حروفه وكلماته وترتيب مدبّر خبير، فما فيه حرف بين حرفين أو متقدّم، أو متأخّر إلّا وهو موضوع بقصد خاص، وعلم كامل، وحكمة بالغة لا تهدى العقول إلى سرّها.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!