موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

وصل: تهافت الأدلّة النظريّة

 

 


اعلموا أيّها الإخوان ـ تولّاكم الله بما تولّى به عباده المقرّبين ـ أنّ إقامة الأدلّة النظريّة على المطالب، وإثباتها بالحجج العقليّة على وجه سالم من الشكوك الفكريّة والاعتراضات الجدليّة متعذّر ؛ فإنّ الأحكام النظريّة تختلف بحسب تفاوت مدارك أربابها، والمدارك تابعة لتوجّهات المدركين، والتوجّهات تابعة للمقاصد التابعة لاختلاف العقائد والعوائد والأمزجة والمناسبات، وسائرها تابع في نفس الأمر لاختلاف آثار التجلّيات الأسمائيّة المتعيّنة والمتعدّدة في مراتب القوابل، وبحسب استعداداتها، وهي المثيرة للمقاصد، والمحكمة للعوائد والعقائد التي يتلبّس بها، ويتعشّق نفوس أهل الفكر والاعتقادات عليها ؛ فإنّ التجلّيات في حضرة القدس وينبوع الوحدة وحدانيّة النعت، هيولانيّة الوصف لكنّها تنصبغ عند الورود بحكم استعدادات القوابل ومراتبها الروحانيّة والطبعيّة، والمواطن والأوقات وتوابعها، كالأحوال والأمزجة والصفات الجزئيّة، وما اقتضاه حكم الأوامر الربانيّة، المودعة بالوحي الأوّل الإلهي في الصور العلويّة وأرواح أهلها والموكّلين بها، فيظنّ لاختلاف الآثار أنّ التجلّيات متعدّدة بالأصالة في نفس الأمر، وليس كذلك.

ثمّ نرجع ونقول : فاختلف للموجبات المذكورة أهل العقل النظري في موجبات عقولهم، ومقتضيات أفكارهم وفي نتائجها، واضطربت آراؤهم، فما هو صواب عند شخص هو عند غيره خطأ، وما هو دليل عند البعض هو عند آخرين شبهة، فلم يتّفقوا في الحكم على شيء

بأمر واحد، فالحقّ بالنسبة إلى كلّ ناظر هو ما استصوبه ورجّحه واطمأنّ به، وليس تطرّق الإشكال ظاهرا في دليل يوجب الجزم بفساده وعدم صحة ما قصد إثباته بذلك الدليل في نفس الأمر ؛ لأنّا نجد أمورا كثيرة لا يتأتّى لنا إقامة برهان على صحّتها، مع أنّه لا شكّ في حقّيّتها عندنا، وعند كثير من المتمسّكين بالأدلّة النظريّة، وغيرهم. ورأينا أيضا أمورا كثيرة قرّرت بالبراهين قد جزم بصحّتها قوم بعد عجزهم، وعجز من حضرهم من أهل زمانهم عن العثور على ما في مقدّمات تلك البراهين من الخلل والفساد، ولم يجدوا شكّا يقدح فيها، فظنّوها براهين جليّة وعلوما يقينيّة. ثم بعد مدّة من الزمان تفطّنوا ـ هم أو من أتى بعدهم ـ لإدراك خلل في بعض تلك المقدّمات أو كلّها، وأظهروا وجه الغلط فيها والفساد، وانقدح لهم من الإشكالات ما يوهن تلك البراهين ويزيّفها.

ثمّ إنّ الكلام في الإشكالات القادحة ؛ هل هي شبهة أو أمور صحيحة كالكلام في تلك البراهين، والحال في القادحين كالحال في المثبتين السابقين ؛ فإنّ قوى الناظرين في تلك البراهين والواقفين عليها متفاوتة، كما بيّنّا ولما ذكرنا، والحكم يحدث أو يتوقّع من بعض الناظرين في تلك الأدلّة بما يزيّفها بعد الزمان الطويل مع خفاء العيب على المتأمّلين لها، المتمسّكين بها قبل تلك المدّة المديدة وإذا جاز الغلط على بعض الناس من هذا الوجه، جاز على الكلّ مثله، ولو لا الغلط والعثور عليه واطمئنان البعض بما لا يخلو عن الغلط، وبما لا يؤمن الغلط فيه ـ وإن تأخّر إدراكه ـ لم يقع بين أهل العلم خلاف في الأديان والمذاهب وغيرهما. فهذا من جملة الأسباب المشار إليها.

ثمّ نقول : وليس الأخذ بما اطمأنّ به بعض الناظرين واستصوبه وصحّحه في زعمه بأولى من الأخذ بقول مخالفه وترجيح رأيه. والجمع بين القولين أو الأقوال المتناقضة غير ممكن، لكون أحد القولين مثلا يقتضي إثبات ما يقتضي الآخر نفيه، فاستحال التوفيق بينهما والقول بهما معا.

وترجيح أحدهما على الآخر إن كان ببرهان ثابت عند المرجّح، فالحال فيه [كالحال فيه] والكلام كالكلام والحال فيها مرّ. وإن لم يكن ببرهان كان ترجيحا من غير مرجّح يعتبر ترجيحه. فتعذّر إذن وجدان اليقين، وحصول الجزم التامّ بنتائج الأفكار والأدلّة النظريّة.

ومع أنّ الأمر كما بيّنّا ؛ فإنّ كثيرا من الناس الذين يزعمون أنّهم أهل نظر ودليل ـ بعد تسليمهم لما ذكرنا ـ يجدون في أنفسهم جزما بأمور كثيرة لا يستطيعون أن يشكّكوا أنفسهم فيها قد سكنوا إليها واطمأنّوا بها، وحالهم فيها كحال أهل الأذواق [من وجه] ومن وجه كحال أهل الوهم مع العقل في تسليم المقدّمات والتوقّف في النتيجة، ولهذا الأمر سرّ خفيّ ربّما ألوح به فيما بعد إن شاء الله تعالى.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!