المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
القانون الفكري عند أهل النظر
وأمّا القانون الفكري المرجوع إليه عند أهل الفكر فهم مختلفون فيه أيضا من وجوه :
أحدها : في بعض القرائن وكونها منتجة عند البعض، وعقيمة عند غيرهم.
وثانيها : في حكمهم على بعض ما لا يلزم عن القضايا بأنّه لازم.
وثالثها : اختلافهم في الحاجة إلى القانون والاستغناء عنه، من حيث إنّ الجزء النظري منه ينتهي إلى البديهي، ومن حيث إنّ الفطرة السليمة كافية في اكتساب العلوم، ومغنية عن القانون، ولهم فيما ذكرنا اختلاف كثير لسنا ممّن يشتغل بإيراده ؛ إذ غرضنا التنبيه والتلويح.
وآخر ما تمسّك به المثبتون منفعة الأولويّة والاحتمال فقالوا : إنّا نجد الغلط لكثير من الناس في كثير من الأمور وجدانا محقّقا، مع احتمال وقوعه أيضا فيما بعد، فاستغناء الأقلّ عنه لا ينافي احتياج الكثير إليه.
فأمّا الأولويّة : فاحتجّوا بها جوابا لمن قال لهم : قد اعترفتم بأنّ القانون ينقسم إلى ضروري ونظري، وأنّ الجزء النظري مستفاد من الضّروري، فالضروري إن كفى في اكتساب العلوم في هذا القانون كفى في سائر العلوم، وإلّا افتقر الجزء الكسبي منه إلى قانون آخر، فقالوا : الإحاطة بجميع الطرق أصون من الغلط، فتقع الحاجة إليه من هذا الوجه عمل
بالأحوط، وإصابة بعض الناس في أفكاره ؛ لسلامة فطرته في كثير من الأمور، وبعضهم مطلقا في جميعها بتأييد إلهي خصّ به دون كسب لا تنافي احتياج الغير إليه ؛ ونظير هذا، الشاعر بالطبع وبالعروض، والبدويّ المستغني عن النحو بالنسبة إلى الحضريّ المتعرّب.
nbkuhZJSGVI