موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

وصل منه

 

 


وإذا عرفت هذا، فنقول : إنّ أسدّ صراط خصوصي في مطلق الصراطات المشروعة ما كان عليه نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله، قولا وفعلا وحالا على نحو ما نقل من سيرته. والفائز بها الكامل في الاتّباع تقليدا، أو عن معرفة وشهود وهي الحالة الوسطى الاعتداليّة، والناس فيها على مراتب لكلّ ذي مرتبة منها آية، أو آيات تدلّ على صحّة تبعيّته ونسبته منه صلى‌الله‌عليه‌وآله، بموجب القرابة الدينيّة الشرعيّة، أو القرابة الروحانيّة من حيث ورثه في الحال أو في العلم ـ ذوقا ومأخذا ـ أو في المرتبة الكماليّة التي تقتضي الجمع والاستيعاب.

وهذه الآيات تكون في حقّ المحجوبين وفي حقّ أهل الاطّلاع.

فآيتها في الإلهيّات بالنسبة إلى من هو دون الكمّل والأفراد شهود الحقّ الأحد في عين الكثرة مع انتفاء الكثرة الوجوديّة وبقاء أحكامها المختلفة. هذا، مع المعرفة اللازمة لهذا الشهود وهي معرفة سبب تفرّع النسب والإضافات ورجوعها حكما إلى الوجود الواحد الحقّ، الذي لا كثرة فيه أصلا.

وأهل هذا الحال فيه على درجات في الشهود والمعرفة والولاية، وفي معرفة سرّ الاتّباع وحكمه موافقة واقتداء، وفي نتائج الأعمال الموقّتة وغير الموقّتة، الصادرة بالنسبة إلى التابع، وبالنسبة إلى الموافق.

والاستقامة الوسطيّة بالنسبة إلى غير أهل الكشف والمعرفة من المؤمنين والمسلمين أيضا على مراتب ودرجات، فأتمّهم إيمانا بهذا الذوق المذكور، وأشدّهم تحرّيا للمتابعة ،

وأصحّهم تصوّرا لما يذكر من هذه الشأن أتمّهم قربا من الطبقة الأولى، ولهم الجمع بين التنزيه المنبّه عليه في سورة الإخلاص، وفي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وبين تشبيه : «ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا كلّ ليلة» و «يسكن جنّة عدن في دار له فيها» ويتحوّل في الصور يوم القيامة، وينزل مع ملائكة السماء السابعة فيستوي على عرش الفصل والقضاء، ويراه السعداء، ويسمعون كلامه كفاحا، ليس بينه وبينهم ترجمان فيثبت كلّ ذلك للحقّ كما أخبر به عن نفسه، وبحسب ما ينبغي لجلاله، في مرتبة ظاهريّته، لأنّ كلّ هذا من شؤون الاسم «الظاهر» كما أنّ التنزيه متعلّقه الاسم «الباطن».

ولحقيقة سبحانه المسمّاة بالهويّة الجمع بين الظاهر والباطن كما نبّه على ذلك بقوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ)، فعيّن مقام الهويّة في الوسط بين الأوّليّة والآخريّة، والظاهريّة والباطنيّة، وكذلك نبّهنا سبحانه فيما شرع لنا من التوجّه إلى الكعبة بعد التوجّه إلى بيت المقدس على سرّ ما أشرنا إليه بقوله : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ؛ أي بين المشرق والمغرب ؛ لأنّه أردف ذلك بقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ؛ أي كما جعلنا قبلتكم متوسطة بين المشرق والمغرب.

ولمّا كان المشرق للظهور والمغرب للبطون والوسط للهو كما بيّنّا، كان صاحب الوسط له العدل والاستقامة المحقّقة، وأمّا قوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)، فهو تنبيه منه سبحانه على سرّ الحيطة والمعيّة الذاتيّة والإطلاق، ويظهر حكم ذلك في الحائر الذي لم يتحقّق جهة القبلة، وفيمن يتوجّه إلى القبلة من جهة المغرب أو المشرق كأنّ أحدهما متوجّه إلى المغرب ـ وإن كان قصده استقبال القبلة من جهة المغرب ـ والآخر بالعكس كأنّه متوجّه إلى المشرق، وفيمن ينتقل على راحلته ؛ فإنّه يصلّي حيث توجّهت به راحلته كما ثبت ذلك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله، وفي المصلّي في نفس الكعبة لا يتعيّن بجهة معيّنة هكذا حال من عاين محتد الجهات وارتقى عنها إلى حيث لا «أين» ولا «حيث» ولا «إلى» ؛ لأنّه حصل

في العين وتحرّر من رقّ كلّ جهة وكون ومقام وحال وأين، فصار قبلة كلّ قبلة، وجهة أهل كلّ نحلة وملّة، لا يسلك ولا يسير، بل منه أبرز ما أبرز، وإليه يسلك به، وإليه المصير.

ثم نرجع ونقول : ودون هذه الطائفة المذكورة من قبل التامّين في التبعيّة والإيمان الطائفة المنزّهة التي لا تعطّل ولا تجزم بما تتأوّل، ودون أولئك الظاهرية التي لا تشبّه ولا تتحكّم، وكلّ طائفة من هؤلاء ينقسم إلى أقسام ؛ وبين كلّ طائفتين منهم درجات في الاعتقادات، لكلّ منها أهل، فمن عرف ما ذكرنا، ثم استقرأ حال الفرق الإسلاميّة، عرّف حالهم وعرف أبعدهم نسبة من أقربهم، المنبّه على حاله وعرف ما بين الطرفين ونسبة قربهم وبعدهم من الطبقة العليا، ولو لا التطويل، لذكرتهم على سبيل الحصر، وعيّنت طرقهم وسيرهم ولكنّ الغرض الاختصار والإيجاز، و فيما ذكرنا غنية للألبّاء، والله المرشد.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!