موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

النفحات الإلهية

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

مناجاة ربانية

 

 


الهى قدستك حقائقى التفصيلية بالسنة افعالها و صفاتها، و قدستك جملتي الكلية بتنوعها في ملابس حالاتها، و قدستك حقيقة جمعى القديم بلغات احاطتها عن كل تنزيه و تقديس نسبه إليك اهل التقييد مما يفهم او يوهم افراز شي ء عنك او نفى امر او وصف حال عن جنابك الا ما نفيته حيث نفيته و باللسان المقيد الذي به وقع النفي عند المنفي عنده و بالنسبة لمن استرشدته .

بل أقول: أنت المنزه عن الانحصار في كل قيد و اطلاق كما انك المقصود بكل اجتماع و افتراق و المعبود بالاتفاق، لك الكمال المستوعب كل حال و حكم و وصف و أنت المعنى المحيط بكل كلمة و حرف، و أنت الأول يطلب بروزك من مكمن غيبك و إطلاقك و احدية جمعك و ادماجك لتكميل مراتب الوجود و المعرفة و ما يلازمهما من أسمائك و صفاتك، و كل ذلك وسائل لحصول كمال الجلاء و الاستجلاء، اللذين هما عبارة عن ظهور ذاتك و رؤيتك إياها في كل شأن سبق في علمك الذاتي ظهورك فيه متعينا بحسبه متنوعا بموجب حكمه و مذهبه و ليظهر كل فرد من افراد شئون مجموع الامر كله بصورة الجميع و وصفه و حكمه بحيث يضاهي كل شأن من الشئون الشأن الكلى الذي أخبرنا آنفا انه مفتاح مفاتيح الغيب، و أنت الاخر بانتهاء حكم كل ظهور من ظهوراتك في مراتب مظهرياتك لتقيد كل تعين من تعيناتك و بالنسبة لما حددته بقلمك الا على بحرف إليّ، فصور الشئون بحصرها و قيودها و تناهي قبولها و عدم وفاء استعداداتها لقبول ما لا يتناهى الا بالتدريج و على سبيل التعاقب عينت نسبة الآخرية فصارت وصفا لكل جلوة و تعين من تجلياتك، و باعتبار حصول المقصود المستور ايضا من كل تنوع و تعين و ظهور . اللهم و أنت الناطق رمزا و تصريحا بنفس ظهورك كما انك الصامت من وجه ببطونك في احدية جمعك و أنت بكل شي ء عليم بعين ذلك الشي ء المعلوم من حيث تبعية علمك له لتعلقه به بحسبه و من حيث ارتسام كل شي ء في عرصة جنابك الذاتي ايضا، فنفس علمك بنفسك هو نفس علمك بكل شي ء، إذ لا خروج لشي ء عنك، لأنك المحيط ذاتا و علما، و المتعين في كل ما يسمى شيئا وجودا و حكما . الهى انا الناطق الظاهر من حيث حبك لي، فإنه أنطقني، فلك الحمد و العتبى كما ان شهود إطلاقك و استهلاك كثرتى في وحدتك الكبرى و قيامك عنى بعد التحقق بالمعرفة و الشهود بكل ما كان منسوبا إليّ و ظاهرا بى دوني بسر الحجابية العظمى اسكنتى فانا الباطن ابدا و الظاهر أنت، و انا الأول من حيث المطلوبية باعتبار تعلق إرادتك بايجادى حال كونى لم أكن شيئا فكيف مذكورا؟ و انا الاخر من حيث صورتى الجامعة المحيطة و من حيث انى العلة الغائية التي هي على التعيين مقصودة، بل أخبرتني يا رب غير مرة اننى الاخر و أخبرتني بان هذه بشرى لك فأراني آخر عبيد الاختصاص و لا اعبر عن آخريتى بأكثر من هذا، و لو قطع البلعوم و أنت العليم، و قد أتمم معنى المضاهاة في معنى الاية، فأقول: انى بكل شي ء عليم، لأنك حققتنى بمعرفتك و شهودك . فمن عرفك هكذا اعنى كما عرفتك فقد عرف كل شي ء لما تبين انه لا خروج لشي ء عنك و لا تجزئة في العلم بك و لا تبعيض و سيما بالنسبة لمن فاز بالتجلى الذاتي المحيط المطرد الحكم المعتلى عن كل تجل تعين من مرتبة وصف ما أو اسم، فسر علمى بك و سيما من حيث الامر الرافع للتعدد بينى و بينك يسرى في كل معلوم و يصدق في حقى ما يصدق في حقك من الأوصاف كما أشرت الى ذلك في الكتاب الكريم بقولك: وَ لََا يُحِيطُونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلََّا بِمََا شََاءَ ( 255البقرة) فاثبت لبعض عبيدك المضاهاة و المشاركة في عين علمك بالاستثناء المنبه عليه، و المنة لك .

الهى! إليك الاعتذار بلسان الأدب و التحقيق و الرغبى بموجب أمرك بى في

ان تعجل خلاصى كما أمرتني حال التجلي الذاتي كفاحا من كل قيد و حصر يتعلق بكل حد و طور و مقام و حال و امر، و ان لا تبقيني معى و لا تتركني رهين قيودى، بل أطلقني و استخلصني بالكلية لك و خذنى منى و كن لي عوضا عن كل شي ء و عنى و بدد شمل النار و بدله بالنور النور النور حسبما نبهتني على التجلي و التحقيق به، بل حسبما تعلمه في اعلى درجات علمك و أتمها و أكملها، انك تعلم و لا اعلم و تقدر و لا اقدر و أنت العليم القدير لو لم ترد نيل ما أرجو و اطلبه من جود كفيك ما علمتني الطلبا عند ما فرغت من كتابة هذا الوارد قيل لي: أ تدرى ما أنت و ما سبب حبنا لك ؟

قلت: ما ادريه ، بالنسبة الى علم ربى لا يوصف بالدراية .

فقيل لي: أنت عبارة عن هيئة اجتماعية وقعت بمقتضى الذات مع عدم عروها عن حكم قصد مخصوص و طلب معين لتلك الهيئة، ذلك الطلب هو العناية، و تلك الهيئة تحصلت من اجتماع الشئون الذاتية التي لا يمتاز كل فرد منها عن الذات الا بتعينه و خصوصية فيه غير معللة، تقتضي تلك الخصوصية ظهور الذات السارية في الكل فيها بصورة مخالفة لظهورها في أمثالها من الشئون، و تمتاز الذات عن الشئون باحاطتها بكل شأن و بأنها عين كل واحد منها من كل وجه، و ليس كل منها عين الذات من كل وجه لما ذكر في الخصوصية التي يميز بها كل شأن من غيره، و لعدم الاحاطة بسر الوحدة الشاملة . ثم ان هذه الهيئة المتحصلة المذكورة اشتملت على كليات جميع الشئون و جزئياتها، اى على جملتها و تفاصيلها، و هذا الجمع و الاشتمال وقع على وجه مناسب و هيئة معتدلة مجانسة سر السعة و الاحاطة اللذين هما من خصائص احدية جمع الجمع الإلهي، و بهذه الجمل التي حوتها هذه الهيئة المذكورة تعينت من مطلق الغيب الذاتي اعيان امهات الأسماء و الصفات المضافة الان الى الحق و الى ما يسمى سوى، و باحكامها تعينت الأسماء

التابعة التفصيلية و ما تعين بها و بالأمهات من التجليات و الاحكام و النسب و الإضافات . فجملة تعين بها الاولية و ما يتبعها من الآثار و الاحكام و الأسماء الإضافية و النسبية، و جملة تعين بها سر الظهور و لوازمه، و جملة تعين بها سر الجلال و ما لزمه و تبعه من آثار العظمة و احكام الهيبة و القهر و الحيرة و الضلال و ما يلائم البواطن و الظواهر من الأحوال، و جملة تعين بها سر الجمال الذي يتقاضى المحبة ممن ظهر له ذلك و تعين بها ايضا هو و ما يتبع المحبة من الأحوال و الأوصاف و الاحكام و الأمور الملائمة للبواطن و الظواهر في الحال الحاضر و المآل، هكذا الى آخر جملة تستلزم ظهور تتمات التفصيل في النسخة الخارجة من وجه عن هذه الصورة المدمجة الانسانية . ثم ظهر بمجموع الهيئة الاحاطية من مطلق الغيب الذاتي سر الكمال المستجن في مقام لا مقام، و لا وصفية و لا حكمية و لا اسمية، و تعين بها ايضا التجلي الذاتي الجامع بين البطون و الظهور و الاولية و الاخروية و الإطلاق و التقييد المتعين في هذه الهيئة بحكم كل شأن و وصفه و سر كل هيئة و ثمرتها و تعين الغيب و الإطلاق المفروضان للذات في مقابلة ما ظهر للأرواح و الصور، فشوهد و علم و اوضح من سر هذه الهيئة و الشأن ما ظهر لمن ظهر . و المحبة تتعين بحسب الهيئات المواتية لظهور الذات بكمال الجمع و تتفاوت قوة المحبة و ضعفها بحسب المناسبة و سعة الدائرة و حسن القبول و تناسب الوضع و الترتيب الاعتدالى الواقع بين الشئون المجتمعة و تلك الهيئة المتحصلة من اجتماعها، و كل هيئة و اجتماع من وجه اول و مظهر، و ما يتصل و يتعين به من مطلق الذات هو آخر و ظاهر، لان المظهر حكمه حكم المرآة، فالمرآة إذا امتلأت بما ينطبع فيها لا ترى، و انما يرى المنطبع فيها .

فلهذا قلنا: كل مظهر باطن و الظاهر هو المنطبع، هذا مع انه اعنى المنطبع من وجه باعتبار تقدمه على حالة الانطباع باطن هذا الظاهر و روحه، و باطن الباطن ما يعلم مجملا من غيب الذات بواسطة ما تعين منها، باعتبار انّ وراء هذا المتعين امرا تعينه مسبوق باللاتعين، و قد تعين من هذه الحيثية و على هذا الوجه في عرصة العلم او الشهود او هما معا . ثم قيل لي: اعلم ان في حضرة الجمع الذاتي ما يستحق المحبوبية و فيه ما لا يستحقها، و القرب المفرط حجاب، و سيما من حيث سلطنة الوحدة التي يستهلك فيها كل وصف و حكم، بل كل عدد و معدود، فإذا امتاز في جملة ما من الشئون ما يستعد و يقتضي ان ينطبع فيه ما يستحق المحبوبية من بين مجموع الامر كله على وجه يتأتى معه الجلاء و الاستجلاء الملائم بحيث يشهد الامر نفسه في المجلى المناسب، المسمى الهيئة المتحصلة على وجه معتدل متناسب الجمع و الوضع و الترتيب على ما بين تلك الشئون المجتمعة من الاختلاف، و ظهرت الموازنة بين المختلفات بحيث ينحفظ باحدية جمعها صور اختلافاتها، ظهر حالتئذ سلطان الحب، فأحب الشي ء نفسه فيما امتاز عنه بوجه، فسمى بسبب ذلك الامتياز غيرا من وجه و قد كان عينا و انه من وجه آخر ايضا كذلك .

فالانحراف بالغلبة و المغلوبية، و الظهور و الخفاء كنتوّ المرآة و تعقيرها و صداها و تشعيرها الواقع في صفحة الاعتدال الخصيص بوجه المرآة، و كل ذلك مظهر غلبة حكم الكثرة و الاختلاف، كما ان الاصطحاب و تساوى أجزاء سطح المرآة بحكم الاتحاد مظهر حكم الوحدة المستجنة في الكثرة، و مظهر حكم التناسب الاعتدالى و هو اعنى هذا المجموع صفاء و صقال يستلزمان انطباع ما يقابل به المرآة، و في المقابلة و المسامتة و المحاذاة ايضا انحراف و اعتدال بطرز غير ما ذكر، و يتفاوت كمال

الانطباع و نقصه بحسب القرب من حاق الوسط الذي هو مركز دائرة مجموع الامر كله و بعده معنى و روحا و حسا و مثالا و جميع المراتب بين المركز و المحيط المشار إليهما .

فمن وقعت نقطة مرتبته من الدائرة الوجودية الكلية حيث مركزها صحت له المحاذاة و المسامتة المستقيمة و الاعتدال التام فظهر و انطبع فيه الامر على التمام، و هذا حال القلب الذي وسع الحق لسعة التي ضاق عنها كل موجود سواه و من انحرف فبمقدار قرب نسبته و بعدها من هذه المسامتة و المركز الأصلي و الاعتدال الحقيقي تتعين حصته من الصورة و الكمال، و بين هذا المحيط و المركز تتعين مراتب العالمين أجمعين من حيث صورهم و أرواحهم و معانيهم و أحوالهم و مراتبهم، علما و عملا، ظاهرا و باطنا، عاجلا و آجلا في كل عالم و موطن و نشأة و مستقر و مقام و الحمد اللّه الوحدة



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!