المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
وارد قدسي جمعى من حضرتى الباسط و الواسع بصورة خطاب غيبى في حالة شريفة غير متعينة الحكم و مضمونه بيان سر البركة و حقيقتها
قال الوارد عند شهادة الشاهد بصدقه حال الشهود: البركة من الشي ء لازمة بشرط ان لا يكون غيره من بعض الوجوه، ثم مثل في بيان ذلك فقال: بركة الشمس شعاعها و كذا كل موجود نيّر و بركة الوجود الإلهي الأزلي، الوجود المحكوم بإضافته الى السوي، و بركة الأرواح الدائمة التصرف لا عن علم منها كالارواح المهيمة، الأجسام البسيطة الثابتة كالعرش و الكرسي، و بركة الأرواح الدائمة التصرف عن علم، كالقلم و اللوح و النفوس السماوية و لوازمها و أجسامها من حيث ما يقتضي البقاء و ان تبدلت و بركة الأرواح المتناهية التصرف و الدولة، التصرف بمعاضدة الأجسام البسيطة الاصلية في الأجسام المتغيرة، و بركة المولدات الثلاث ما تفصل عنها من الأنواع و الاشخاص، و بركة الإنسان الجزئى ما تعينت اضافته اليه و توقف ظهوره عليه دنيا و آخرة و يتعيّن له، و بركة الإنسان الكلى الحقيقي الإلهي ما ظهر من الكون و نسب باختلاف الإضافات الى العين، و الظاهر بركة الباطن و المعلوم بركة المجهول الذي لا يكون مجهولا لخساسته، بل لتعذّر الحيطة بمعرفته و ضبطه و انحصاره في دائرة المعرفة، و لهذه المسألة تفصيل و هذه تذكرة كلية تشتمل على رموز خفية، و المرشد اللّه .
و لمّا كان الكون منحصرا في اصلين: غيب و شهادة، او قل: ظلمة و نور، او ظاهر و باطن كيف شئت و كان الحق هو الظاهر و الباطن و له الإطلاق المنافى للحصر و التناهي، اقتضى ان يكون لكل مرتبة منهما من وجه صفة الإطلاق و اللاتناهى و ان تقيدا من حيث تميزها و تعينهما فكان الفاضل من تعيّنيهما مما لا يقبل الحصر و التناهي هو بركتهما، الا و ان ذلك الفاضل المسمى بركة عالم المثال الظاهر بحكمىّ الغيب و الشهادة، و انه مع كونه ليس بشي ء زائد عليهما لا نهاية له و لا حصر فيه، لأنه الفاضل المذكور المقتضى عدم التناهي، و عالم مثال الإنسان بركة ظاهره و باطنه ، فافهم .