موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

النفحات الإلهية

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

نفحة الهية تتضمن بيان الفرق بين نسبة الاختيار الى الحق و الى الناس و بيان حقيقتيهما و غير ذلك من الاسرار

 

 


اعلم ان الاختيار الثابت للحق المشهود في حضرة الكشف ليس هو على النحو المتصوّر من الاختيار للخلق، فان اختيار الخلق عبارة عن تردد واقع بين فعلين او امرين، كل منهما ممكن الوقوع عند المختار، لكن يترجح عنده احد الأمرين لمزيد فائدة يستجلبها في الامر المختار او مصلحة يتوخى حصولها به و الحق سبحانه يستنكر في حقه مثل هذا، فإنه احدى الذات واحد الصفات، امره واحد و حكمه واحد و علمه بنفسه و بالأشياء علم واحد لا اختلاف فيه و لا تغير، فلا يصح لديه ترديد و لا امكان حكمين مختلفين في صورة واحدة او امر ما كان ما كان، بل امّا و امّا بحسب تعيّن ذلك المعلوم المراد في نفسه سبحانه ازلا و ابدا لا يمكن غير ذلك، و ليس هذا من قبيل الجبر كما يتوهمه اهل العقول الضعيفة، و كيف! و ليس ثمة سواه، فمن الجابر ؟

فان توهم متوهم فقال: العلم هو الجابر، إذ لا يمكن وقوع خلاف متعلقه .

قلنا: العلم كاشف لا مؤثر، و تعلقه بالمعلوم هو بحسب المعلوم، فان توهم متوهم جبرا فليتصوّره من المعلوم على نفسه، لكون العلم به تابعا لما هو عليه المعلوم في نفسه، و حكم العلم انما يترتب عليه بحسبه لا بحسب العلم، و حينئذ يكون الجبر من المعلوم على نفسه او على العالم به، لكون تعلقه به تابعا لما هو عليه، إذ يستحيل ان يؤثر في ذات الحق، بل يستحيل في التحقيق عندنا ان يؤثر شي ء ما كان ما كان فيما يغايره و يضاده من الوجه المضاد ثم نقول: و ايضا فلو قيل بجبر العلم لزم ان يكون الحق مؤثرا في نفسه و متأثرا فاعلا و قابلا، فان علم الحق في مشرب التوحيد عند المحققين من اهل الكشف و اهل النظر ايضا عين ذاته، فلو كان كما قيل، لزم ان يكون في الحق جهات مختلفة فيكون جابرا و مجبورا فيختلف الجهات فيه، فلم يكن إذا واحدا من جميع الوجوه، و هو واحد من جميع الوجوه بلا شك، هذا خلف .

فالاختيار الإلهي مقامه بين الجبر و الاختيار المفهومين للناس، و انما المعلومات جميعها ما قدر دخولها في الوجود، و ما لم يقدر مرتسمة في عرصة علمه سبحانه ازلا و ابدا متعينة صورة كل شي ء على حده مترتبة ترتيبا أزليا لا اكمل منه في نفس الامر، و ان خفى ذلك على الأكثرين . ثم انها تصدر من حضرته سبحانه على الوجه الاولى و الأحسن، فبالايجاد يظهر الاولى من كل امرين مما يتوهم امكان وجود كل منهما، فبالنسبة الى المتوهم الذي يصدق في حقه الاتصاف بالتردد و الترجيح هو ترجيح الاولى و اما في نفس الامر فبالترتيب الثابت للمعلومات ازلا دون جعل وقع على الوجه الأتم .

ثم ان القدرة أبرزته بموجب الشهود العلمي الأزلي، فظهر هنا على ما كان عليه

هناك، فمن أدرك ما في الترتيب الوجودي من الحسن و كمال الحكمة تحقق ان لا اكمل مما وقع، بل ما عدا الواقع فمستحيل الوجود، و ان حكم المحجوب بامكانه .

ثم اعلم ان للاختيار الإلهي حكمين: مقتضى أحدهما ما ذكرناه و هو الوجه المختص بالحق من حيث هو هو و من حيث صرافة وحدته و استحالة توهم الجهات المختلفة في جنابه، و له اى للاختيار حكم و وجه آخر يختص بالعالم، فالاختيار بالمعنى الأول من حيث ما يصح اضافته الى الحق ليس فيه امكان و لا تردد، بل الاولى من كل امرين او امور يصدر من الحق دون رويّة و لا تردد و لا قصد و لا ترجيح مقرون بامكان .

و هذا الاختيار الموصوف بما ذكرنا متى اعتبر سريان حكمه في الممكنات ظهر بوصف يوهم التردد و الإمكان و ترجيح بعض الممكنات دون البعض، و كل ذلك ينافي الوحدة الصرفة الثابتة للحق من جميع الوجوه، فهو اذن من صفات العالم و مقتضاه .

و موجبه ان للحق نسبتين: نسبة الوحدة الصرفة و لها الغنى التّام و لسانها: فَإِنَّ اللََّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعََالَمِينَ ( 97آل عمران) و نسبة التعلق بالعالم و تعلق العالم به من كونه الها لا من حيث ذاته و لما كان التعلق و الإيجاد عبارة عن تجليه سبحانه في الماهيات الممكنة الغير المجعولة التي كانت مرائى لظهوره و سببا لانبساط اشعة نوره، ظهر الاختيار ذا حكمين كما قلنا، فلم يدرك المحجوبون من سر الاختيار غير ما قام بهم، و هو وصف امكانى متكثر منقسم ، لما نبهنا عليه من ان الكثرة وصف تابع للإمكان و ان الوحدة الحقيقية الصرفة تختص بالحق وحده لا يشارك فيها .

فلما أدركوا الاختيار على هذا الوجه و شعروا و سمعوا ايضا ان له نسبة الحق و لم يتحققوا باى اعتبار يصح اضافته الى الحق نسبوه اليه سبحانه على نحو ما تعقلوه في أنفسهم بحسب تعيّنه فيهم و ليس كذلك، و انما يمكن اضافة هذا النوع من الاختيار الى الحق من وجهين آخرين: أحدهما من حيث مرتبة احدية جمعه، القاضي بانّ له سبحانه كمالا يستوعب كل وصف و يقبل من كل حاكم عليه بكل لسان في كل مرتبة و حال كل حكم، لأنه المعنى المحيط بكل كلمة و حرف و مظروف و ظرف و كل ظاهر محقق الظهور و باطن نسبىّ او صرف و الوجه الاخر الذي من جهته يمكن اضافة هذا النوع من الاختيار اليه، هو من جهة ما ذكرنا من ان الماهيات الممكنة الغير المجعولة نسبتها الى نوره الوجودي نسبة المرائى الى ما ينطبع فيها و من مقتضى حكم هذا الذوق و المقام ان المتجلى في امر ما انما يظهر في المجلى بحسب المجلى لا بحسبه ، فعلى هذا إذا تجلى الحق في امر ما او حضرة ما او عالم ما لزمه احكام تلك المرتبة او الحضرة، و العالم و المجلى كان ما كان، و أمكن ان ينسب اليه سبحانه من الأوصاف ما يصح اضافته الى ذلك الامر و العالم او المرتبة او ما كان، و يصدق كل ذلك في حقه لا مطلقا من حيث ذاته بل من حيث تجليه فيما تجلى فيه .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!