المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
وارد كلى الهى يشتمل على جمل من الاسرار الشريفة الخفية
للطبيعة الإطلاق و للعقل التقييد فمن تحقق عقله في المراتب الإلهية بالإطلاق الطبيعي و تقيد طبعه في المراتب العقلية بحسب تلك المراتب، فانطلق في قيد و تقيّد في اطلاق كل ذلك دون كلفة، بل بالذات مع تقديس من حكم الأوهام و العقائد و الخوف و الحياء العرفيتين و العوائد، و وفّى المراتب حقها، بان يصير مرآة لجميعها، يظهر فيها باحكامها دون مزج اعتقادى و تغيير بسوء القبول و نقص الاستعداد، و كان مع ذلك مشاهدا للاحدية الإلهية الذاتية الجامعة بين الوحدة و الكثرة المعلومتين، الشاملة
لكل شي ء، و للمشاهد حاضرا معها بها على الدوام لا مع التفاصيل من حيث تعددها مقبل اليه الكل و هو معرض عن الكل بالذات، بعين إقباله على احكام الجملة بوجه كلى من حيث الجملة و بحسبها لا بحسبه، إذ لا حسب له يتقيد به منطلق ايضا عن الإقبال و الاعراض و الإطلاق و غير ذلك من الصفات التقييدية، فهو الرجل الكامل .
هذا هو الذي يصاحب كل شي ء كان ما كان من مطلق و مقيد و جسم و روح و معنى و حقيقة ظاهرة او باطنة، الهية او كيانية صحبة ذاتية و يكون مع كل شي ء بذاته، لا بمعنى ان ذلك الشي ء غيره، بل من حيث امتياز ذلك الشي ء بتعيّنه فقط، و بقائه على الإطلاق من حيث ما عدا النسبة الموصوفة منه بالمعية و الصحبة، فهو مع كل شي ء بالذات، مع انه ليس معه شي ء و لا منحصرا فيما تعيّن به و بحسبه، و له الحكم على كل شي ء بكل شي ء، و هو المتنوّع في كل مرتبة و صورة و حال و موطن و وقت بحسب كل واحد مما ذكرنا، و كل حسب ينسب الى شي ء فذلك وصفه من حيث تعينه هناك، و من حيث عدم تعينه لا حسب له و لا اسم و لا نعت و لا حكم و لا نسبة و لا اثر و لا تأثر، و لا مؤثر سواه و لا قابل لاثر ما او حكم او اضافة او اسم الا هو .