المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
نفحة ربانية تتضمن تذكرة باسرار تذكر ان شاء اللّه
اعلم ان لأهل الكشف في مكاشفاتهم و مشاهدهم و وارداتهم أغلوطات شتى، لا يعرف كنهها و يسلم من غوائلها الا الكمل و الافراد، اهل العناية و الاختصاص، و هي على اقسام : منها ما يوجب انقطاع السالك عن الوصول الى الذروة العليا من المراتب الإلهية المستلزمة كمال الكشف و التمكن، و ان كشف و شهد وعد من العارفين .
و منها اى من الاغلوطات ما يوجب سوء أدب مع الحق و فساد اعتقاد يفضي الى الهلاك و الفناء و منها ما يوجب تبلدا و تحيرا و نحو ذلك .
و منها ما يوجب التباسا و تخليطا بين المراتب و أحكامها، فيفضى الحال بالإنسان الى ان يحكم على الأمور التي هي من لوازم مرتبة دون الكمال، انها من صفات مقام و لوازمه و يحكم ايضا على ما ليس بشهود محقق انه شهود محقق، و على ما ليس بمقام، بل هو حال انه مقام و بالعكس، و على أشياء ينضاف الى الحق من حيث اسم معين و مرتبة مخصوصة، انها امور يقتضيها الحق لذاته ازلا، او ينضاف اليه من حيث اعلى صفاته و اشرف سماته و تجلياته و اكمل حضراته و اجمعها و أتمها حيطة و قد شاهدت كل هذا من غير واحد من المنتسبين الى الطريق من اهل الذوق و عرفت أسبابه .
و قد عرفني سبحانه مواقع الغلط و موجباته و اطلعت على أصولها و أسبابها، أحببت ان اجمعها على سبيل الحصر و أعين موجبات الغلط و أسبابه و ما يزيلها و يذهب بضررها ثم انه ضاق وقتى عن ذلك فاقتصرت الان في هذه اللمعة على ثلاث مسائل منها، هي امهات لما تحتها و اصول يتفرع عنها مسائل شتى و اسرار كثيرة هي من اعز المطالب و أجل المآرب، و لتكون هذه المسائل الثلاث نموذجا لما يذكر.
و هي مسألة الشهود و مسألة الإيجاد و صورة تعلق القدرة بالمقدور و مسألة تقيد العارف بالأشياء و الانصباغ بحكمها حال المعرفة و المشاهدة و قبل التجرد و الترفع عنها، بحيث لا يبقى له تعشق و لا تقيد بامر و لا تعلق و لا تأثر فاما المتمكن فيه فيتعالى اولا عن كل ما ذكرنا و يتطهر منه، ثم يتلبس به طوعا و طاعة و رحمة و تكميلا و موافقة لربه بخلاف الغير فإنه ما برح على حاله الأول الحجابى لم يتغير عليه امر سوى الحصة المقيدة من المعرفة التي حصلت له، و الشهود الاسمائى الذي قسم له .