موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

النفحات الإلهية

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

نفحة الهية تتضمن التنبيه على سر الحكم على اختلاف ضروبه بحسب تفاوت مدارك الاحكام قاطبة

 

 


و تتضمن التلويح بسر القدر المتحكم في الخلائق و سر سبق العلم و سر الخروج عن الأسماء و الصفات و التحرز من قيود الأحوال و المقامات و سر الأعيان و الشئون الإلهية و الكونية و سر الحقيقة و المجاز و الإقامة و الاسفار على اختلاف طبقاتها و غير ذلك من الاسرار اعلم ان الحكم من كل حاكم على كل محكوم عليه غالبا هو بحسب حال الحاكم حين الحكم بحسب إدراكه للمحكوم عليه كان ما كان .

و اعلى درجات هذا المقام ان يصير حكم الحاكم على الشي ء تابعا لما هو المحكوم عليه من الأحوال بحيث يتنوع حكمه عليه بحسب تنوعه اعنى تنوع المحكوم عليه لكن ليس هذا مطلقا بل بشرط ان يكون المحكوم عليه من مقتضى ذاته التنوع، اما ان اقتضت ذاته الثبات على امر واحد تعلق علمه به بحسب ما هو عليه و تعين حكمه فيه بموجب علمه، هذا هو شأن الحق و الكمل في علمهم بالحق و بالأشياء و حكمهم عليها كانت ما كانت، سواء تعلق علمهم بهم او بما خرج عنهم من وجه و باعتبار .

و إذا تقرر هذا فاعلم ان حكم الناس و سيما اهل الذوق الذين هم بصدد التلبس

بالأحوال الغريبة المختلفة على الأشياء بالوجوب و الإمكان و الاحالة و الضيق و السعة و الحسن و القبح و الثبات و التغير و الجلاء و الخفاء و القيد و الإطلاق و التناسب و التنافر و القرب و البعد و الخطاء و الصواب و غير ذلك من الاحكام هو بحسب ما يقتضيه حال الحاكم حين الحكم كما مر، فحكم الحاكم بحسن العدل و قبح الجور و استحسان وصف الأصل بالقدم و الوحدة و كمال العلم و القدرة و الحيطة و نحو ذلك ايضا لا يخرج عما ذكرنا لأنه لو فرضنا تبدل حال الحاكم بضد حاله المتقدم المقتضى له ما ذكرنا، انعكس الحكم منه على ذلك المحكوم عليه و صار بضد الحكم الأول، و ان كان الحال الثاني مخالفا للأول لا مضادا له كان الحكم ايضا مخالفا للحكم الأول، بمعنى انه من وجه يناقضه و من وجه لا يناقضه، بحسب حكم القدر المشترك الثابت بين الحالتين المختلفتين، اللتين تتلبس بهما الحاكم في وقتين مختلفين و تنوع إدراكه لما أدركه من قبل و نسبة الأحوال الى روح الحاكم نسبة الألوان المختلفة الى الجسم المطلق، و كما ان بعض الألوان اقرب نسبة الى الإطلاق، كالبياض ثم الصفرة، كذلك بعض الأحوال اوسع فلكا من بعضها، و نسبة حال الكمل الذين ينتهون اليه احوال الخلق كافة هو كنسبة مطلق اللون الى الألوان المختلفة، فمن كانت نسبته الى هذا الحال المطلق اقرب كانت سعته أتم، فيضعف عنده حكم الاحالة و الإمكان، و قل ان يستبعد شيئا او ينكر وقوعه و اما الكمل فليس عندهم مستحيل و لا ممكن و لا واجب الا بالنسبة و الإضافة و بحسب المدارك و المراتب و المواطن، فقد يكون الشي ء واجب الوجود في بعض الحضرات و هو بعينه في حضرة اخرى و بالنسبة الى مدرك ما ممكن او مستحيل بمعنى انه قد يكون الشي ء ثابت الوجود علما او ذهنا او في عالم المثال المقيد او المطلق، لكن يتعذر ظهوره في الحس، بمعنى انه ما دامت سلطنة الحس غالبة على مرتبة الخيال و العقل و المثال و يكون ما سواه اى ما سوى الحس تابعا للحس، لا يظهر ذلك المحكوم باستحالته في الحس، هذا مع انه ليس لبقاء سلطنة الحس عندي مدة متعينة يستحيل انخرامها بل قد ثبت في ذوق الكمال ان كل شي ء فيه كل شي ء و لا ثبات بالذات لشي ء ما على شي ء معين لا يمكن انتقاله عنه، بل كل شي ء بصدد التحول عما هو عليه و ان كان في عين المدركين ثابتا، فما ثم حقيقة ثابتة على امر ما يحكم على غيرها بالمجاز، بل ان حكم على شي ء بالثبات فهو على مجموع الأمور الواقعة و المفروضة في هيئة جامعة لاختلافاتها و تنوعاتها .

هذا هو حكم مشهد المتمكن في التلون، و هذا هو حال الوجود بأسره، و خفاء ذلك على اكثر المدارك لا يقدح في تلونه في نفسه، و لو حكم بالثبات لشي ء لحكم على الحقائق الكونية التي هي اعيان الشئون الحقية، لا على الوجود الصانع لها و الموحد لكثرتها و المتعين في كل منها بحسبها و الساري في صور تخالفها و تعددها. و هذا السريان هو السفر الذاتي ، و ما سواه من الاسفار فاسفار الأحوال و الصفات و الأفعال و لا يصل الى هذا السفر الا من انطلقت ذاته عن قبول الاحكام و الأوصاف و الأفعال مطلقا، فسرى بذاته في كل شي ء سريان الوجود في حقائق الشئون المسماة عند الجمهور ممكنات سراية ابدية بأحكام ازلية و رأيت في هذا المشهد العظيم لما اطلعت عليه ان ليس لصاحبه عين ثابتة و لا حقيقة، و هكذا من هو على صورته. و من سواهما فذو اعيان ثابتة متلبسة بالوجود، و سواء قلت ان الأعيان هي الشئون او غير ذلك، و سواء قلت ان الوجود هو الحق او غير ذلك، و إذا شهدت هذا شهدت كونك مدركا كل شي ء بعين ذلك الشي ء و بشرط انك عين كل شي ء، فإنك إذا صفة كل صفة و كيفية كل ذات و فعلك فعل كل فاعل، فكل شي ء تفصيل ذاتك و أنت القدر المشترك بين الأشياء و أنت الموحد كثرتها و المكثر لوحدتها بتنوعات ظهورك، فافهم و اللّه المرشد.



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!