المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
قاعدة من آداب التحقيق
اعلم المحقق في كل نفس و حال يرد عليه و يتلبس به خمسة حقوق: يطالب بالقيام بها حق الوارد عليه من نفس و حال كما قلنا. و حق صاحبه و هو الحق سبحانه المصاحب بكل شي ء بمعيته الثابتة. و حق المسافر عنه في تسفيره ، فان النفس و الحال كل منهما يرد على الإنسان هيولانى الوصف لا صورة له، فإذا انفصل عنه انفصل منصبغا بما اكتسبه من الإنسان من صفة محمودة حسنة او قبيحة، فذاك تسفيره بشرط انضمام الحضور الى ما ذكرنا .
و الحق الرابع حق الصاحب الحق كما قلنا من كونه مع النفس و الحال، المفارقين بالمعية الذاتية و بحسب ما وقعت عليه المفارقة، و الإنسان في نفسه مسافر ايضا ضرورة، اما الى الحق او منه او فيه، و الحق معه، فتعين عليه الحق من حيث الصحبة اللهم أنت الصاحب في السفر فافهم فان هذا غامض جدا .
قال الوارد و الشاهد يشهد بصدقة: علة اطلاع النائم على ما يراه، هو توحد توجهه و ميله حال النوم الى الاعراض عن عرصة كثرته و ترجيحه تعطيل تصرفاته طلباً للراحة، لما شعر ان الراحة منوطة بذلك و ان لم يتحقق اصل القضية و عموم حكمها
و مظاهر ما يستشرف عليه من مغيبات الأمور الجزئية و الكلية هي احكام ما غلب عليه من وصف و حال في يقظته، و سيما ما كان حديث عهد بها، فان غلب عليه وصف الخلوّ و الطهارة، استجلى من الأمور المغيبة و من صور العالم ما يناسب طهارته و مقامه من حيث روحه و مزاجه و الكيفية المستفادة مما تغذّى ، به، و لبعض هذه مع البعض تركيب يسرى حكمه في صور التمثيل حسنا و قبحا، حالا و وصفا، و ان غلب عليه وصف ما محمودا كان او مذموما مزاجيا او روحانيا اعتقاديا او عمليا تركبت الصور التي تتراءى له من تلك المواد بحسبها .
و لآخر انفاس اليقظة التي يتلوه النوم سلطنة بحسب ما كان الباطن به مغمورا إذ ذاك
و تأخر ظهور حكم المنامات دليل على علو مرتبة النفس، فإنها أدركت ما سيكون في العوالم العالية جدا، القريبة من غيب الإمكان، فلا بد من فترة بين الاطلاع و بين الظهور بمقدار ما يقتضي مرور ذلك الامر في السموات و مكثه في كل منها بحسب التعويق الحاصل له هناك للمناسبة و الاستتمام .
فلكل امر في كل سماء منزل و مقام. و قد ورد ان الامر الإلهي يبقى في الجوّ بعد مفارقة سماء الدنيا ثلاث سنين حتى يصل الى الأرض و يتصل بالمحل المختص به .