المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
رؤيا عزيزة و مبشرة شريفة
رأيت الشيخ رضى اللّه عنه ليلة السبت سابع عشر شوال سنة ثلاثة و خمسين و ست مائة في واقعة طويلة و جرى بينى و بينه كلام كثير و كنت أقول له في أثناء ذلك الكلام آثار الأسماء من الاحكام، و الاحكام من الأحوال، و الأحوال تتعين من الذات
بحسب الاستعداد، و الاستعداد امر لا يعلل بشي ء سواه، فأعجب رضى اللّه عنه بهذا البيان إعجابا عظيما و جعل وجهه يتهلل و يهز رأسه و يعيد بعض الكلام و يقول: مليح مليح، فقلت له: يا سيدى أنت المليح حيث تقدر ان تبلغ الإنسان الى حيث تدرك مثل هذا، و لعمرى! ان كنت إنسانا فمن سواك من هؤلاء كلا شي ء .
ثم جئت و دنوت منه و قبلت يده و قلت له: بقيت لي حاجة واحدة اطلبها، فقال: سل، فقلت: انى أريد التحقق بكيفية شهودك التجلي الذاتي الدائم الأبدي، و كنت اعنى بذلك حصول ما كان حاصلا له من شهود التجلي الذاتي الذي لا حجاب بعده و لا مستقر للكمل دونه، فقال: نعم! و أجاب الى ذلك، ثم قال لي: هذا مبذول لك، مع انك تعلم انه قد كان لي اولاد و اصحاب و خصوصا ولدى سعد الدين، و مع هذا ما تيسر هذا الذي تطلبه لاحد منهم، و كم قد قتلت و أحييت من الأولاد و الاصحاب، و مات من مات و قتل من قتل، و لم يحصل له هذا، فقلت: يا سيدى! الحمد للََّه اعنى على اختصاص بهذه الفضيلة اعلم انك تحيى و تميت، و كلام أخر بعد هذا، لا يمكن افشائه و استيقظت و المنة للََّه.
و مما رأيته: مكتوبا في خلال كلام كثير ورد علىّ كتابة و أمرت باستثباته و نبهت على شرفه بهذا اللفظ: كل شي ء كان فيه كل شي ء، و تحرك فيه او به، فإنه بحركته او قال: بالحركة يصير ذلك الشي ء، يعنى الشي ء المراد بالحركة، و أظن انه كان بدل يصير ذلك الشي ء يرجع فلما علمت مضمون المكتوب و تحققت به ذوقا، قصدت كتابته في نفس ذلك المشهد المثالي، فإذا انا بالشيخ رضى اللّه عنه قد دخل ذلك المقام و قال لي: لا تعجل و لا تكتبه على نحو ما هو هاهنا، قلت: يا سيدى! فكيف اكتب؟ قال: اكتب: كل شي ء كان فيه كل شي ء فإنه عند الحاجة الى شي ء يكون ذلك الشي ء، فهذا القدر يكفى في الامر، فقلت: السمع و الطاعة .
ثم قال: اكتبه و احفظه و لا تنس و بالغ في الوصية، و خرج هذا المشهد الذي اشهدته ذوقا سنة أربعين و ست مائة بحلب ليلة الأحد التاسع شهر رمضان من السنة المذكورة
و من ذلك: مقام آخر أحضرني سبحانه في مشهد من مشاهده ليلة الأحد و ابدا لي بعض ما سيجريه علىّ من الأحوال مخاطبا و معرفا، و قال لي في أثناء ذلك: ثم امر بك على المقامات و هي تتراءى لك و أنت تراها انشوطة بعد انشوطة فإذا أتيت على آخرها و تعديتها، او قال: حتى تستوفيها و تتعداها، فإذا أجزتها كان كذا و كذا، او قال: رأيت كذا و كذا، الشك منى فيما ترددت فيه، و اللّه اعلم واريت أمورا أخر غريبة جدا في الليلة عينها و هي تاسع عشر جمادى الاولى سنة اثنتين و خمسين و ست مائة بقونية حماها اللّه، و الحمد للََّه وحده