المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
كتاب آخر الى بعض الاصحاب
ما اقبل وجه صباح مسفر عن منحة شريفة رحمانية، و لا حيعل داعى فلاح الى تنسّم نفحة لطيفة ربانية الا و رسيس الجوى الذي هو من بعض احكام النسبة التعارفية في الحضرات الالية ثم الروحية يقتاد عنان القلب السليم تشوقا و تسوقه بسوط فقر النفس الى الاستئناس بالإخوان على صراط الحب المستقيم، تظرفا لرفع حكم الصدع بظهور حكم الجمع بين الأشباح، كما هو الامر في معالم الأرواح، سيما الى الولى الحميم و الأخ العزيز الكريم، السيد الامام و الحبر الهمام، العالم العارف و السائر الواقف نجم الدين ضياء الإسلام و ذخر الأنام حسنة الأيام حجة اللّه عن شهود وحدته بكثرته التي لا تنافيها، و عن كثرته المفهومة للجمهور و اكثر العارفين بوحدة تلائمها دائما و توافيها فان النبأ العظيم و الصراط المستقيم الذي يسلك عليه المسافرون في اللّه من الكمل بعد تعدى «من» و «الى »، و بعد شهود وحدته فيما سفل و علا، وراء كل ما ذكر ، مع اثبات غيرية تقتضي برفع شي ء او ترجيح نور على في ء، فليس إلا دورة ابدية على نقطة ازلية يتعين بينهما الشي ء و شئونه التي متى لحظ ظهور تعينه في كل منها بحسب ذلك الشأن قيل هو هي و ظهر التعدد و الاختلاف من الشي ء بين شئونه و بينه، و ان لحظ رجوعها اليه و اجتماعها من حيث توحدها او عدم مغايرة بعضها بعضا لديه قيل هي هو و شأن الشي ء علما و وجودا و كشفا و شهودا لا يخلو عن الأمرين المذكورين، و لا ينفك جمعا و تفصيلا عن التلبس بالحكمين، فلا ينحصر الامر في تعظيم و لا تحقير و لا ترك و لا تخيير و لا تعريف و لا تنكير، و الكل ثم، و ما ثم كل، و لا ثم الا من حيث ثم إذا استولى على امر امر ما ظهر سلطانه حال غلبة حكمه و استيلائه فإنه او انه، و رب انسان يقصد التلبس بحالة كونية لحكمة موطنية، فيأبى الغالب عليه الا الظهور بما فيه، و لديه عكس الذي أشار بعض العارفين اليه بقوله :أبت غلبات الشوق الا تقربا إليك و يأبى الحال الا تجنبا نعم! قد علم كل أناس من الشاربين مشربهم المورود كما تحقق آخرون بالاستهلاك في حضرة احدية جمع الجمع و الشهود، فانضاف إليهم كل حال و وصف، فكانوا المعنى المحيط بكل حرف، فهم كائنون بائنون راحلون قاطنون ثابتون منفيون لا يحصرهم رسم و لا اسم و لا يضبطهم كشف و لا عقل و لا فهم، و لا يعرفهم نعت و لا حال و لا حكم يصدق في حقهم، كل حكم يحكم به عليهم و يقال، و هم من وجه بمعزل عن الجميع هنا و في المآل، أولئك حزب اللّه، أَلََا إِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 22المجادلة) قد استرسل القلم و يعسر قيد الجموح ، و قد توهم انه اعتذار و ان كان القصد منه التعريف لا الانتصار .
وصل الكتاب الكريم حاويا على ما هو مرسله له اهل، فإنه بحمد اللّه من خلاصة هذا الفريق و الأهل، و تلقى الداعي تلك التفضلات من الشكر باتمه و من الثناء باتمه و من حكم الحب في اللّه باخصه و أعمه، فاللّه يجعل ذلك و سواه مما يجريه علينا او يقلبنا فيه من الأحوال و يبديه لدينا خالصا لوجهه مقربا اليه نافعا لديه و اما ما نطق به لسان لطفه و تفضله في امر الفروة المطلوبة، فيصل ان شاء اللّه، و اللّه يوزع هذا الضعيف شكر التفضل الذي تضمنه هذا الاقتراح، فذلك عنوان الصفاء بين خلان الوفاء .