موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

مسائل المراسلات

بين صدر الدين القونوي ونصير الدين الطوسي

 

 


[ المسألة الأولى : هل ثبت عندكم أنّ وجود واجب الوجود أمر زائد على حقيقته أم وجوده عين ماهيته ]

المسألة الأولى : هل ثبت عندكم أنّ وجود واجب الوجود أمر زائد على حقيقته أم وجوده عين ماهيته وإن ليست له حقيقة وراء الوجود ؟ وما البرهان الموضح تحقيق ذلك ؟ فإنّ جميع ما ذكر في تقرير كل واحد من الأمرين غير تام ولا مقنع للّبيب ، لأنه إن قيل بأنّ وجوده عين حقيقته اعتمادا ورضى بما ذكره جماعة في تقرير ذلك ، فلقائل أن يقول : لا نسلّم أنّ وجود الحق عين حقيقته ، ويدل على ذلك من وجوه . منها أنه من البيّن أنّ مفهوم الوجود من حيث تعيّنه في تعقّلنا مفهوم واحد . وهذا المفهوم من حيث إنه هو مع قطع النظر عن كل ما سواه إما أن يقتضي أن يكون عارضا لماهية شيء من الماهيات ، أو * يقتضي أن لا يكون عارضا لها ، أو لا يقتضي واحدا من القسمين . فإن كان الأول ، وجب أن يكون كل وجود عارضا لماهيته ، أو له صلاحية ذلك . فوجود واجب الوجود يكون صفة لحقيقته . وإن كان الثاني ، وجب أن لا يكون شيء من الوجودات المتعقّلة عارضا لشيء من الماهيات . فإما أن لا تكون هذه الماهيات الممكنة موجودة ، أو تكون موجودة لكن وجودها نفس حقيقتها وحينئذ لا يكون مفهوم الوجود مفهوما واحدا . وقد فرضناه مفهوما واحدا . هذا خلف . وإن كان الثالث ، فحينئذ لا يصير وجود واجب الوجود مجردا عن الماهية إلا لسبب منفصل ، فيكون واجب الوجود لذاته واجب الوجود لغيره ، هذا خلف .

الوجه الآخر أنّ كلّ عاقل يجزم بأنّ لوجود الواجب تعيّنا في تعقّله يستلزم ذلك التعيّن والتعقّل سلب أشياء شتى عنه وإثبات أمور شتى أيضا له ، هذا مع اتّفاق جميع العقلاء بأنّ حقيقته مجهولة . فلو كان وجوده عين حقيقته لكان معلوم الحقيقة . إذ لا جائز أن يقال بأنه معلوم الذات من وجه مجهول من آخر ، لأنه يلزم من ذلك أن يتعقل في ذاته جهتان مختلفتان . وهذا باطل ، فإنّ * الاتّفاق واقع بأنه لا جائز أن يتعقل فيها جهات مختلفة متعددة لما ثبت أنه واحد من جميع الوجوه .

ولا شكّ في أنّ اختلاف الجهات في الشيء ينافي صرافة وحدته . وأيضا فلو علم على هذا الوجه لعلمت حقيقته . وهذا باطل أيضا لاتّفاقهم بأنّ حقيقته مجهولة . فدل ما ذكرنا على أنّ وجوده زائد على حقيقته .

والوجه الآخر أنّ كونه مبدأ لغيره إما أن يكون لأنه وجود أو لأنه وجود مع سلب . والأول باطل ، وإلا لكان كل وجود كذلك . والثاني باطل وإلا لكان السلب جزءا من علة الثبوت .

والوجه الآخر أنهم قالوا : أفراد الطبيعة الواحدة يجب أن يكون حكمها واحدا . ثم إنهم بنوا على هذه المقدمة مسائل ، منها إبطال القول بكون الخلاء بعدا مجرّدا . فقالوا : طبيعة البعد طبيعة واحدة . فإن كانت مجرّدة ، فليكن كذلك في الكل ، فالجسم بعد مجرّد ، هذا خلف . وإن كانت مادّيّة ، فليكن كذلك في الكل . فالخلاء يمتنع أن يكون بعدا مجرّدا .

وأيضا قالوا : لمّا ثبت في الأجسام التي تقبّل الفص ؟ ؟ ؟ أنّ جسميّتها محتاجة إلى المادّة ، وجب في كل جسمية أن تكون محتاجة إلى المادّة . وإذا وضح هذا ، فيقال : أما الوجود من حيث هو وجود ، فحقيقته واحدة .

فإن افتقرت إلى الماهية ، فليكن كذلك في الكل . وإن استغنت عن الماهية ، فليكن كذلك في الكل . هذا . وقد يقال في الجواب :

الوحدة والكثرة ونحوهما غير مفتقرة إلى المادّة مع أنّ لها صلاحية أن ترتبط بالمادّة تارة وتتجرد عنهما أخرى فتعقل مجرّدة عنها . فمن الجائز أن يكون شأن الوجود كذلك ، غير أنه على تقدير صحة ذلك لا يتحصّل من جميع ذلك برهان ولا أمر يجزم بصحّته عاقل .

ومما يؤيد ما ذكرنا ما اعترف به الشيخ الرئيس خاتم الحكماء وخلاصة العقلاء ، وهو ما كنا اخترنا الإعراض عن ذكره كما سبقت الإشارة إليه . ثم استدركنا الأمر هنا لما رأينا من مسيس الحاجة إليه . فألمعنا باليسير مما ذكر ، وذلك قوله : « الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر . فإنا لسنا نعرف من الأشياء إلا خواصها ولوازمها والأعراض .

ولا نعرف الفصول المقوّمة لكل واحد منها الدالة على حقيقته ، بل نعرف أنها أشياء لها خواصّ وأعراض ولوازم . فلا نعرف حقيقة الأوّل ولا العقل ولا النفس ولا الفلك ولا النار ولا الهواء ولا الماء ولا الأرض ، ولا نعرف حقيقة الأعراض » . ثم مثّل في ذلك أمثلة واضحة ، وقرّر ما قصد تقريره .

ثم قال فيما يختصّ بحقيقة الحق التي جعلنا السؤال عنها محتدا لبقية المسائل ، فقال : « نحن لا نعرف حقيقة الأوّل . إنما نعرف منه أنه يجب له الوجود أو ما يجب له الوجود . وهذا هو لازم من لوازمه ، لا حقيقته . ونعرف بواسطة هذا اللازم لوازم أخر ، كالوحدانية وسائر الصفات . وحقيقته إن كان يمكن إدراكها هو الموجود بذاته ، أي الذي له الوجود بذاته . لكن معنى قولنا ، الذي له الوجود لذاته ، إشارة إلى شيء لا نعرف حقيقته ، وليست حقيقته نفس الوجود ولا ماهية من الماهيات ، فإنّ الماهيات يكون لها الوجود خارجا عن حقائقها . وهو في ذاته علة الوجود . وهو إما أن يدخل الوجود في تحديده دخول الجنس والفصل في تحديد البسائط على حسب ما يفرضهما لها العقل ، فيكون الوجود جزءا من حدّه لا من حقيقته كما أنّ الجنس والفصل أجزاء لحدود البسائط لا لذواتها . وإما أن تكون له حقيقة فوق الوجود ، و الوجود من لوازمها » . ثم قرر هذا المعنى أيضا بطرز آخر ، فقال : « لا يمكن للإنسان أن يعرف حقيقة الشيء البتة ، لأن مبدأ معرفة الأشياء هو الحس . ثم يميز بالعقل بين المتشابهات والمتباينات ويعرف حينئذ بالعقل بعض لوازم الشيء وأفعاله وتأثيراته وخواصّه . فيتدرج من ذلك إلى معرفته معرفة مجملة غير محقّقة ، وربما لم يعرف من لوازمه إلا اليسير . فإن قيل إنه عرف أكثرها إلا أنه لا يلزم أن يعرف لوازمها كلها ولو كان يعرف حقيقة الشيء ، ثم ينحدر من معرفة حقيقته إلى لوازمه وخواصه ، لكان يجب أن يعرف لوازمه وخواصه أجمع ، لكن معرفته بالعكس مما يجب أن يكون عليه » .

ونحن نقول : إنّ من مقتضى الذوق الصحيح الذي خطئ به أهل الحق منه سبحانه أنّ مبدأ معرفتهم معرفة الحق ، لكن بالحق لا بقواهم وعقولهم . فإذا عرفوا الحق بالحق ، عرفوا بعد ذلك نفوسهم بالحق من حيث ما عرفوه به ، ثم عرفوا ما شاء الحق أن يطلعهم عليه دفعة أو بالتدريج . ولهذا يستحيل عندنا أن يعرف أحد حقيقة شيء ، ما لم يعرف الحق . والحق في كل متعيّن عقلا أو ذهنا أو حسا غير متعيّن ولا ممازج ولا مماثل ولا بعيد إلا من حيث امتياز حقيقته عن كل شيء بما ذكرنا و بأمور أخر معلومة للمحققين على سبيل الحصر .

وقد ذكرنا قبل هذا على سبيل التلويح في التمهيد أنّ تعيّن الحق - سواء قيل بأنّ وجوده زائد على حقيقته أو أنّ وجوده عين حقيقته - في تعقّل كل عاقل لا يمكن أن يكون مطابقا لما هو الحق عليه في نفسه ولا لتعيّنه عند نفسه من حيث ما يمتاز عن سواه إن اقتضى علمه بنفسه ذلك ، أعني الامتياز . وإذا لم يكن هذا النوع من التعقل مطابقا لما هو الأمر عليه فكل حكم يترتب على هذا التعقل ويضاف * إلى الحق سلبا أو إثباتا إنما هو مضاف إلى هذا التعقّل والتعيّن المتشخص في تصور العاقل . ليس ثابتا للحق من حيث علمه بنفسه ، ولا مسلوبا عنه بدون هذا الاعتبار ، إذ لا مطابقة ، فلا علم فلا حكم يصح على الحق للعقل من هذا الوجه .

فحينئذ سواء قول من يقول بأنّ وجود الحق عين حقيقته وقول من يقول بأنّ وجوده من لوازم حقيقته ، لا يحصل من الأمرين تحقيق إذ لا يتمّ تقرير كل واحد من الأمرين .

[ جواب المسألة الأولى ]

قوله - أدام اللّه أيامه : « المسألة الأولى ، هل ثبت عندكم أنّ وجود واجب الوجود أمر زائد على حقيقته أم وجوده عين ماهيته ؟ » إلى قوله : « هذا خلف . » .

أقول : أما البرهان الموضح تحقيق كون وجوده عين ماهيته وإن ليست له حقيقة وراء الوجود ، فهو أنه لو كان له وجود وماهيته [ كذا ] ، لكان مبدأ الكل اثنين ، وكل اثنين محتاج إلى واحد هو مبدأ الاثنين والمحتاج إلى مبدأ لا يكون مبدأ للكل . فإن قيل ، الماهية موصوفة ، والوجود صفة لها ، والموصوف متقدم على الصفة القائمة بها ، فالمبدأ الأول واحد وهو الماهية ، قيل ، الماهية على تقدير تقدمها على الوجود لا تكون موجودة ولا معدومة . وإذا يكون مبدأ الموجودات غير موجود ، وهذا محال .

وأما قوله : « من البيّن أنّ مفهوم الوجود من حيث تعيّنه تعقّلنا مفهوم واحد ، وهذا المفهوم من حيث إنه هو * مع قطع النظر عن كل ما سواه إما أن يقتضي أن يكون عارضا لماهية شيء أو يقتضي أن لا يكون عارضا لها أو لا يقتضي واحدا من القسمين . » [.

فجوابه : أنّ الألفاظ التي لها مفهوم واحد مقول على كثيرين تنقسم إلى قسمين : أحدهما أن يكون ذلك المفهوم في آحاد تلك الكثيرين بالسواء وهو كالإنسان في زيد وعمرو ، والفرس في هذا الفرس وذلك الفرس . وتسمّى تلك الألفاظ بالمتواطئة ، ويكون حكمها فيما تقتضي تلك المفهومات حكما واحدا ، كما ذكره . والقسم الآخر أن يكون ذلك المفهوم في تلك الكثرة لا على السواء ، بل إما أن يكون في بعضها أقدم أو أولى أو أشد أو أكثر ، وهو * كالأبيض على الثلج والعاج ، والموجود على الجوهر والعرض . وفي هذ القسم لا يجب أن تكون مقتضيات تلك المفهومات واحدة ، بل ربّما تختلف ، مثل اسم الضوء الواقع على ضوء الشمس وضوء القمر وضوء النار ، وضوء الشمس يقتضي زوال العشيّ دون سائر الأضواء . ومثل اسم العلم الذي يكون بعض ما يقع عليه مفهومه بديهيّا ، وبعضه مكتسبا ، وبعضه فعليّا يوجب وجود معلومه ، وبعضه انفعاليّا لا يوجب ذلك .

والوجود من هذا القبيل ، فإنه يكون في الواجب قائما بذاته من غير عروضه لماهيته ، وفي غير الواجب يكون عارضا لماهيته . ثم العارض للماهية يقتضي في الجسم والمادّة أن لا تكون تلك الماهية قائمة بغيرها ، وفي الصورة والعرض يقتضي قيامهما بمحلّ ، وكما أنه ليس لقائل أن يقول : لو كان الضوء والعلم مقتضيين لزوال العشيّ ولوجود المعلوم ، لكان كل ضوء وعلم كذلك . ليس كذلك . له أن يقول : لو كان الوجود مقتضيا لكونه غير عارض لماهية ، لكان كل وجود كذلك . فإذا ثبت أنّ من الوجود ما يقتضي أن لا يكون عارضا لماهية ، ومنه ما يقتضي أن يكون عارضا . وبطلت القسمة إلى أنه إما أن يكون مقتضيا للعروض أو للاعروض أو لا يقتضي أحدهما .

قوله : « الوجه الآخر أنّ كلّ عاقل يجزم بأنّ لوجود الواجب تعيّنا » إلى قوله : « فدل ما ذكرنا أنّ وجوده زائد على حقيقته » . .

أقول : كل ما لا يحتمل أن يكون له أشخاص كثيرة ، فهو غير محتاج إلى تعيّن زائد على حقيقته ، فإنّ حقيقته سواء كانت نفس وجوده أو معروضة لوجوده هي تعيّنه لعدم احتمال وقوع الشركة فيه . وإنما يحتاج إلى التعيّن كلّ ما يكون له أشخاص كثيرة ، فإنّ كل شخص منه يحتاج إلى تعيّن تميّزه عن غيره مما هو من نوعه . وههنا سرّ عظيم ، وهو أنّ الوجود الذي يقع مفهومه على الواجب والممكن بالتشكيك أمر عقلي ، فإنّ الوجود في الأعيان لا يمكن أن يقع على أشياء تشترك فيه . وذلك الأمر مقول على الوجود الواجب القائم بذاته الذي لا يعرض لماهية ، وعلى غيره من الموجودات . وإذا اعتبر وجوده في العقل ، كان ممكنا غير واجب .

واسم الوجود يقع عليه وعلى الواجب وقوع زيد على وجوده العيني وعلى اسمه . وذلك الوجود أمر معقول . والوجود الواجب غير معلوم بالكنه والحقيقة ، وإنما يعقل منه هذا الوجود المعقول مقيّدا بقيد سلبي .

وإذا حقّق ذلك ، ارتفع الإشكال المذكور بسبب تعدد الجهات . واعلم أنّ سلب الأشياء عنه وإثبات الأمور له إنما يعقل بعد ثبوت تلك الأشياء والأمور . وذلك لا يتحقق معه تعالى عند اعتبار حقيقته ، بل يكون بعد صدور الأشياء عنه .

وأما قوله : « مع اتّفاق جميع العقلاء بأنّ حقيقته مجهولة » ، فمن الواجب أن يقول : مع اتّفاق الحكماء ، لأنّ مشايخ المعتزلة من المتكلّمين يدّعون أنّ حقيقته تعالى معلومة للبشر كما هي .

قوله : « والوجه الآخر أنّ كونه مبدأ لغيره » إلى قوله : « لكان * السلب جزءا من علة الثبوت » . .

أقول : كونه مبدأ لغيره يكون لوجوده الواجب العينيّ لا للوجود المقول عليه وعلى غيره بالتشكيك ، الذي تخصّصه العقلاء بقيد سلبي . ثم أنّ كثيرا من السلوب يكون أجزاء من علل الثبوت . كما أنّ عدم الغيم مع طلوع الشمس يكون علة لإضاءة الأرض ، وعدم الضدّ في المحلّ مع علة الضد الآخر علة تامة لحدوث الضد الآخر في ذلك المحل .

قوله : « والوجه الآخر أنهم قالوا : أفراد الطبيعة الواحدة يجب أن يكون حكما واحدا » إلى قوله : « ولا أمر يجزم بصحّته عاقل » . .

أقول : قد مرّ جواب هذا ، وهو أنّ البعد والجسم يقعان على ما تحتهما بالتواطؤ بخلاف الوجود المقول على الموجودات بالتشكيك .

وأما الوحدة والكثرة فهما عرضان ، وتجرّدهما عن المادة لا يكون إلا في العقل ، كما في سائر الأعراض التي تتعقّل مجردة عن محالّها . وليس شأن الوجود كذلك . وقد روي عن فيثاغورس أنه قال : الواحد والأعداد المركّبة من تكراره هي مبادئ الموجودات . وقد صدرت عن المبدأ الأول على ترتيبها . فكانت مجرّدة عن المواد . ثم صدر منه بتوسّطها سائر الموجودات ، وصار الوحدة والكثرة مقارنتين لها على الوجه المعلوم .

فهذا يناسب الوجود من حيث القيام بالذات في المبدأ والعروض للماهيات بعد ذلك ، لكن هذا نقل مجرّد ، لا أصل له ولا برهان عليه .

قوله : « ومما يؤيد ما ذكرنا * ما اعترف به الشيخ الرئيس » إلى قوله :

« وقرر ما قصد تقريره » . .

أقول : أما قوله : « الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر » يريد بالأشياء أعيان الموجودات التي تسمّى بطبائع الموجودات ، وإنما ذكر ذلك في بيان صعوبة تحديدها . ولم يرد به حقائق المعقولات ، وذلك لأنّ من لم يقف على حقيقة الإثبات والنفي ، كيف يقدر أن يحكم عليهما بامتناع الاجتماع بديهة ؟ ومن لم يقف على حقيقة الجسم ، كيف يحكم بامتناع اجتماع جسمين في حيّز واحد بديهة ، وبامتناع كون الجسم الواحد في الزمان الواحد في حيّزين بديهة ؟ ومن لم يقف على حقيقة العشرة والخمسة ، كيف يحكم بأنّ العشرة ضعف الخمسة ؟ ومن لم يقف على حقيقة المثلّث ، كيف يحكم على أنّ زواياه متساوية لقائمتين ؟ وبالجملة جميع العلوم اليقينية مبنية على الوقوف على حقائق المعقولات التي هي تصوراتها ، حتى تتأتى التصديقات المبنية عليها .

قوله : « ثم قال : فيما يختص بحقيقة الحق » إلى قوله : « والوجود من لوازمها » . .

أقول : هذا بيانه لامتناع الوصول إلى كنه المبدأ الأول . وإنما أراد بقوله : « إما أن يدخل الوجود في تحديده » ، كما يقال عليه ، الوجود الواقع على الموجودات بالتشكيك ، وهو بمنزلة الجنس * ، وتقيّد بقيد سلبي حتى يختص به ، وهو بمنزلة الفصل . ويريد بقوله : « وإما أن تكون له حقيقة فوق الوجود ، والوجود من لوازمها » ، الإشارة إلى وجوده العيني الذي لا يصل إلى إدراكه عقل عاقل .

قوله : « ثم قرر هذا المعنى بطرز آخر » إلى قوله : « مما يجب أن يكون عليه » . .

أقول * : الحكماء قرروا أنّ العلم بالعلة يوجب العلم بمعلولاتها علما تامّا ، والعلم بالمعلول لا يوجب العلم بعلته إلا علما ناقصا . وذلك لأنه يقتضي العلم بأنّ لذلك المعلول علّة ، ولا يقتضي العلم التام بتلك العلّة . فبيّن في قوله ههنا ذلك في أعيان الموجودات بيانا عامّا ، وليس فيه ما يدل على أنّ المعقولات لا تدرك .

قوله : « ونحن نقول : إنّ من مقتضى الذوق الصحيح » إلى آخر الفصل . .

أقول : هذا كلام في غاية الحسن والكمال ، لا يقف عليه من لا يكون له حظ مما يفيض اللّه سبحانه على المتوجهين إلى جنابه بطريق الكشف . جعلنا اللّه من أوليائه الواصلين إلى تلك المرتبة إن شاء ، وهو ولي التوفيق .


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

المراسلات بين صدر الدين القونوى ونصير الدين الطوسي

تتألّف هذه المراسلات من الأقسام التالية :

1 - المكتوب الفارسيّ من القونويّ إلى الطوسيّ.

2 - الرسالة المفصحة للقونويّ .

3 - أسئلة القونويّ .

4 - المكتوب الفارسيّ من الطوسيّ إلى القونويّ.

5 - أجوبة الطوسيّ .

6 - المكتوب الفارسيّ من القونويّ إلى الطوسيّ مع ملحق عربيّ يتعلق برسالة « رشح البال ».

7 - الرسالة الهادية للقونويّ .

وأفضل مخطوطة تحوي هذه المراسلات هب « آيا صوفيا » 2349 ، وهناك مخطوطات أخرى مثل:  « أسعد أفندي » 1413، و « شهيد علي باشا » 1415 ، و « حسن حسني » 1160 ، لكنها لم تتضمن الرسائل والمكاتيب كاملة.

ونقرأ في بداية مخطوطة « أسعد أفندي » 1413، أنّ « هذه النسخة الجليلة كتبت في حياة المؤلّف والشاهد لما قلنا ما رأيت في التقريظ » ( ورقة 48 آ ) . وإن صحّ ذلك فإنّنا نستنتج أنّ كلّ الرسائل المكتوبة بالعربيّة كانت قد جمعت في مجلّد واحد قبل وفاة القونويّ . وهنالك مخطوطتان تتضمنان المكاتيب الثلاثة التي كتبت بالفارسيّة وقد كتبت كلّها قبل وفاة عبد الرحمن الجامي . ويمكننا أن نعتبر أنّ المكاتبات بين القونويّ والطوسيّ حدثت فعلا . فنحن نعلم أنّ بعض التلاميذ كانوا يتتلمذون على القونويّ والطوسيّ في نفس الوقت ، وأشهرهم هو قطب الدين الشيرازي ( ت 710 ه / 1311 م ) .

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!