موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب تفهيم معانى الحروف التى هى مواد الكلم فى ألسنة جميع الأمم‌

من أنفاس الشيخ الإمام العالم الأوحد العارف المكاشف فخر الدين عبد اللّه أبى الحسن على بن أحمد ابن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التجيبى الحرّالى قدس اللّه روحه ونوّر ضريحه‌

بسم اللّه الرّحمن الرحيم‌ وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم‌

هذا بحول اللّه وبعد حمده تقرب وتفهيم لطرف من معانى الحروف التى فهمها الربانيون هبة، ويتلقنها المستمع الواعى منهم حفظا، ويتفهمها بمطابقة الأمر الخلق اعتبارا، ويتبينها بملاحظة حظ من معانيها فى مواقعها من الكلم استقراء.

[الحرف الهاوي]:

فأول ذلك الحرف العلى الهاوى الذى لا منقطع له فى ابتدائه، وإنما يبتدأ بما دونه منه وهى الهمزة، ولا منقطع له فى انتهائه وإنما يصمت عنه ويتحرك إليه ما سواه من الحروف ولا يتحرك هو إلى غيره، ومخرجه من هواء الصدر باطنا إلى متوسط هواء الخلق والفم ظاهرا وهو: الألف، ومعناه أنه القائم المحيط الغائب عن مقامه كنها، الحاضر معه وجودا، ولذلك أخص إضمار فى الاسم المضمر من اسمه تعالى: أنا، لأن الاسم المضمر هو عند رؤساء النحاة أن والتاء فى قولك أنت للخطاب، وكذلك الألف فى أنا للمتكلم وضمير المتكلم هو أول‌ المضمرات لأنه لا يتوقف على ما سواه كتوقف أنت على متخاطبين وتوقف هو على غائب ومتخاطبين واعتباره باد فى ما من الأمر وهو الروح القائم بالجسم الذى لا يتوقف على ما سواه كتوقف أنت على متخاطبين وتوقف هو على غائب ومتخاطبين واعتباره باد فى ما من الأمر وهو الروح القائم بالجسم الذى لا يعرف ذو الروح كنهه ولا يفقد وجوده، وكذلك اعتباره باد فى ما من الأمر وهو الروح القائم بالجسم الذى لا يعرف ذو الروح كنهه ولا يفقد وجوده، وكذلك اعتباره فى البشر الذى هو خليقة اللّه قائما على ما فى السموات وما فى الأرض لا يعرفون كنهه ولا يفقدون التسخير له: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ‌، وكذلك اعتباره فى الكعبة التى جعلها اللّه قياما للناس ولا يعرفون كنهها ولا يفقدون وجودها، ففى كل مكان قبلته: وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‌.

واستقراؤه أولا فى وقوعه إضمار المتكلم فى أنا كما تقدم.

وكذلك استقراؤه فى إفهام موقعه فى الكلمة المشتقة لمعنى الفاعل من نحو آكل وشارب وضارب ونحوه. ومواقع استقرائه فى اللغة إفهاما للقيام كثيرة فيما يعتور على الكلمة مع غيره نحو كلمة آل وأهل، فإن الآل قائمون يصلى عليهم، والأهل مطهرون معطوف عليهم: اللهم صلى على محمد وعلى آل‌ محمد، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

[الحرف الثاني]:

والثانى من الحروف الأحق بأن يكون تلو الألف فى التفهيم، هو الحرف الذى هو منقطع النطق مقابلا فى ظهوره لبطون الألف وهو" الميم": ومعناه أنه التمام الذى ينتهى إليه الابتداء مطلقا أو مختصا، فلكل تمام ابتداؤه ولكل ابتداء تمامه، واعتباره الجسم فيما كان ألفه الروح وعالم الملك المرئى فيما كان ألفه الأمر وبسيط الأرض فيما كان ألفه الكعبة أمنة الأرض فإذا خربت الكعبة أتى الأرض ما توعد، واستقراؤه فى وقوعه انتهاء فى كلمة بدر التام الذى هو منهاه، وفى كلمة الجسم الذى هو انتهاء خلقه، وفى كلمة الأديم الذى هو منتهى جسمه، وفى آدم الذى هو منتهى خلق السموات والأرض. وحيث تقع فى غير انتهاء الكلمة يكون فيها تمام ما فى محل موقعها كالملك، فإن تمامه فى ابتدائه، وكذلك الملك وكالعمران فإن تمامه فى توسطه ما بين العشرين إلى الستين، وكذلك الخمر فإن نشوتها فى توسطها. ولن يفقد الفهم الذكى وجه اعتبار واستقراء، وإن ربك هو الفتاح العليم.

[الحرف الثالث]:

والحرف الثالث المستحق لإيتاء تفهيم شفع هذين الحرفين، هو الحرف الواصل بين باطن الألف وظاهر الميم، وقائم الألف ومقام الميم وهو:" اللام"، الذى كمّل حرفه فى اسمه الألف‌ والميم ومعناه أنه الوصلة الواصلة بين حدى القائم والمقام بحسب إطلاقه واختصاصه، فلكل ألف وميم لامه، ولكل لام ألفه وميمه، ولاحاطة هذه الحروف الثلاثة بكل ذات وأمر وخلق كانت نبأ محيطا بما هى عليه إحاطة وتفصيلا، فأحاطت بالكتاب فى قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ‌.

وأحاطت بالآيات المحيطة المفصلة من الكتاب فى قوله تعالى: الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ‌. وتجلى بها اسم اللّه تعالى فى قوله: الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‌. وفهم هذا الإنزال الحرفى هو أول محل يرتقى فيه الموقنون عن درجة المؤمنين، ويرتفع عنهم الريب لما فى الكلم والكلام من قبول ادعاء الخلق لأن صورها فى عالم الملك، ولما فى إحاطة معانى الحروف من البراءة من ذلك، واعتلائها إلى اصطفاء الحق واختصاص منال العقل دون منال الحس، لأن صورها فى عالم الملكوت.

[الحرف الرابع؟؟؟]:

وكالروح فيما ألفه الأمر، وكاللحم فيما ألفه العظم وميمه الأديم واستقراؤه أولا فيما وقع وسطا لأنه محله فى الترتيب الأحق نحو السك والملك والحلم والعلم، ثم استقراء موقعه فى غير الوسط نحو اللحم والوصل وفى وسع اللام الواصل بين القائم والمقام تظهر جميع مواقع سائر الحروف وأحقها بالتفهيم هو الحرف المنبئ عن درجات التنزلات فيما يلى الألف من اللام أمرا، وعن تغير التطورات فيما يلى الميم من اللام خلقا وهو" الراء"، ومعناه أنه التربية والتصوير والتطوير الواقع رتبا وصورا فى مستوى سلك اللام ما بين المقيم والمقام واعتباره فى تنزل الأمر الربانى وتطور الخلق المربوب: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ. واستقراؤه بمحل موقعه من اسم الرب.

وكلمة البر المطور للنفس والبر المطور للجسم والنار المغير للكون بتفريق كل مجتمع وتجميع كل مفترق بما يحجر ويميع المتحجر، وكالران بما يغير من صفاء القلب حتى تذهبه النار وكموقعها فى الحرف والطرف التى هى حدود المتنزلات والمتغيرات. وهو حرف مخوف المعنى لأن كثرة التنزيل حجب، وكثرة التغيير بعد، قال صلى اللّه عليه وسلم:" شيبتنى هود وأخواتها لما افتتحت بألر". ولم يكن معها ميم ينبئ عن التمام أفهمت تطويرا لا تمام له. فخافه صلى اللّه عليه وسلم على أمته، وذلك لأن راحة التمام تذهب ألم التغيير كالمسابر يصل، ومن لا راحة له بتمام تطويره تلزمه معانى كلم تخللها الراء بمعناها: كالروع والرجف والران والنار، وسائر ما فيه الراء لتطوير لا تمام له.

[الحرف الخامس]:

والحرف الخامس الذى هو أحق بأن يلى الراء فى التفهيم، يحتاج إلى تمهيد، وهو أن اللّه تعالى جعل ما أبطن من التنزيل وأظهر من التطوير بتسبيب واقتضاء، فأظهر الأوائل ابداعا، وأظهر ما دونها تسبيبا، فبين كل حدين من حدود الراء تسبيب يصير فيه الأعلى سببا للأدنى، والأدنى مسببا عن الأعلى، وهى سلسلة الحكمة ومعارج الترقى وإدراك التردى، وكلها من حكمة اللّه عن سبب موجب ومسبب يوقف اللّه سبحانه عندها من أجهله ويخيرها من أعلمه، وذلك الحرف هو:

الباء:

ومعناه أنه السبب الموصل لما إليه الحاجة، فإن كان مع إعلام فهو باسم اللّه، وإن كان مع إجهال فهو بما دونه، وما كان باسمه فهو إيمان، وما كان بما دونه فهو كفران:" من قال مطرنا بفضل اللّه ورحمته، فذلك مؤمن بى كافر بالكوكب، ومن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكوكب".

ولما فيه من هذا التسبيب والحجاب والبعد لم ينزل فى أوائل سور الحروف، ولما يتضمن معناها من الحجاب والبعد ينبسط فيها القول ويتأكد فيها الاعتبار لتتخلص الأنفس من تشبثها بشبكة شركها وتسبيبها. والباء هى الباء كله بعدا وحجابا، ولذلك قال ابن عباس:" أخذ بيدى على 7 ليلة، فخرج بى إلى‌ البقيع فى أول الليل، وقال: اقرأ يا ابن عباس، قال فقرأت" باسم اللّه الرحمن الرحيم"، فتكلم لى فى الباء إلى فروغ الفجر". واعتباره واستقراؤه فى التئامه بالراء فى كلمة: رب وبر وبر، وفى موقعه كان كذا بكذا، وفى عزل جميع ذلك بكلمة" باسم اللّه". وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها .. وليتخذ ما بسط من القول فى هذه الحروف الخمسة مفتاحا لما يقع من الايجاز فى سائرها بحول اللّه تعالى.

التاء:

معناها انتهاء التسبيب إلى أدناه، واعتبارها موقعها فى التوب، وعلامة المخاطب فى أنت، واستقراؤها موقعها علامة للتأنيث والمبالغة وللثوانى كلها، ولذلك لم يتوج بها.

الثاء:

معناها ثمرة ما بين التسبيبين: تسبيب الباء وتسبيب التاء، وليلحظ موقعها فى لفظ ثمرة اعتبارا واستقراء، والتئامها فيها مع الراء المطورة والميم المتممة فى ثمرات الأشياء التى انتهت بها أسبابها وأطوارها وتتماتها، وليلحظ موقعها فى المثوبة والمثلة كذلك، ومع الباء المسببة والتاء المتهيئة فى موقعها معها فى الثبت الذى تم فيه التسبيبات.

الجيم:

معناه الجمع والإجمال كما هو لفظهما وفى الجمل الذى هو إذابة الشئ واستخراج راوقه، وهو مع الميم جمة كل شئ وهو مجتمعه.

الحاء:

حصول كمال بيسر كالحياة والروح والحى اعتبارا واستقراء، ولذلك توج به وإذا اتصل بميم التمام أفاد كمالا تاما بغير تكلف ولا عمل، ولذلك جعله النبى صلى اللّه عليه وسلم شعارا تيممنا بكلمة" حم" ومقابله.

الخاء:

فيما يحصل من كمال عن عسر، ولموقعه فى الخب‌ء والخبر للأرض والخبر فى الشئ، ونحو ذلك.

الدال:

معناه الدوام والدؤب كما هو فى كلمتها اعتبارا واستقراء، وفى كلمتى الأمد والأبد، وليلحظ موقع ما يفهمه حرف الحاء الذى هو حظ من اللّه بلا سبب، والميم الذى هو اتمامه لذلك الحظ، والدال الذى هو ادامته لذلك التمام فى كلمة الحمد الذى هو أول أمر اللّه وآخره وكنز ما بينهما ومقابل ذلك فى حرف الخاء عسرا، وتسبيب الباء ابتلاء وتطوير الراء تغييرا فى كلمات الخبر والخبر والخبر، ولكل اسم من معانى حروفه حظ يفهمه بعون اللّه من يزاول هذا الاستقراء ويتبصر فيه حتى أن الحاء بعد الراء رحمة، والراء المغيرة بعد الحاء حرمه، وكل ميم تمت ما وليها من كمال الحاء أو تغيير الراء، ولذلك إذا تضاعفت الميم مع الراء أنبأ الاسم عن أدنى أطوار التغيير وهى" الرمة" وقابل أعلى أنواع الكمال وهى" الحياة"، قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ‌.

الذال:

معناه تناقص الصور ودقتها كما هو فى الذبول والذباب والذر والرذاذ والذرء، وفى الذنب حسا والذنب معنى، وفى الذل حسا والذل معنى، ونحو ذلك مما يتعاضد بابه لمستقرئيه ومع ما تظافر معناه فيقوى به أو يقابله فيكسر من معناه.

الزاى:

تخليص ما اقتضته الراء من تغير بشدة وأزمة كما هو فى الزيت والزبد والزم، وما وقعت الزاى فى كلمة إلا لحقتها شدة بادية وعددها سبع وفى كل سبع شدة كانت العرب تقول: أخذنى السبع، لما يرى من الشدائد، وفى الأسابيع التى هى زاى الأحوال يقع التخلص من مرض أطوار الراء راحة وحتفا.

الطاء:

معناه التخلص من ثقل كما هو فى الطاهر والطيب والطائر والطافى ونحو ذلك.

الظاء:

معناه ظهور بغلبة كما هو فى الظاهر مطلقا وفى الظلام حسا، والظلم معنى، وليلحظ موقعها فيهما مع اللام الموصلة والميم المتممة، فلذلك هما أشد الانطماس حسا، ومعنى الظلم ظلمات يوم القيامة.

الكاف:

معناه الكافى المكفى الكائن المكوّن كما هو فى أسمائها، وكل حرف يتأيد معناه فى الكلمة بما يناسبه ويضعف بما يقابله.

النون:

معناه مظهر مبين كنور الحس ونور العلم ونور الشمس ومدار الكتاب الذى يظهر سور أمره، وماء المزن الذى‌ يظهر سور خلقه. وليلحظ موقع النون فى كلمة المزن مع الزاى والميم، أما الميم فلأن اتمامها ابتداء عن غيب، وأما الزاى فلعصرها عند تمامها لما فيها: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً، وأما النون فلأن منها مداد الخلق وهو الماء الذى به كتب كل شئ ومنه جعل كل حى.

الصاد:

معناه مطابقة بين الخلق والأمر، وبين الأمر والخلق إحاطة واختصاصا بوجه حسنا كما هو فى صدق الفعل أو القول، وفى صفاء القليب والقلب، وفى صوم الجسم والنفس تصادفا فى التجلى:" ومن لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه".

الضاد:

معناه مطابقة كذلك إلا أنها بسوائ كصدق المقر بذنبه المعاقب الضر عليه كموقعه فى كلمة الشر والضيم والضلال والمضض والضعف والضمر والضرب ونحو ذلك.

العين:

معناه آية هادية كعين الشمس وعين الانسان اللذين بهما المضار يهتدى لاجتلاب المنافع واجتناب المضاد المحسوسة. وأتم العين فى لحظ عين البصيرة كلية الكون التى إذا شفت للناظر عن ربها فهى له عين، وإذا عم على نظره فاقتصر دون ربه فهى له.

الغين:

فالغيب معناه غيب آية هادية، ولذلك يكره فى استقرائه فى الكلم كالغم والغت والغباوة والغرارة والغفلة والغضب والغلب. ونحو ذلك، وعلى حسب ما يتأيد بمناشئه أو يضعف بمقابله، ولنلمح موقعه فى الغضب مع ضاد الضر وباء البلاء:" قال أوصنى، قال: لا تغضب"، وأملك ما يكون الشيطان للإنسان إذا غضب. وليلحظ مقابله عينا وصادا وميما فى لفظ العصمة من أثر الغضب.

الفاء:

معناه حد فاصل بين تولى الحق للخلق وتوليهم لأنفسهم حيث يكون المرء بصدد فائدة العود إلى ربه أو آفة التكليف لنفسه كموقعها فى الفطرة والفصل والفرق والفقر والغناء والآفة والعفاء والحفر والعفر ونحو ذلك.

القاف:

ملكة بقوة وإحاطة كما هو فى لفظ القوة والقهر والفوق والقلم المؤثر فى كل شئ، والقلب الممد لكل شئ، والقلب المحيط بالذراع. والقاف اسم الجبل المحيط بالدنيا ونحو ذلك.

السين:

معناه انباء موف بما اشتملت عليه الذوات ظاهرها وباطنها وما بينهما، ولذلك خص فى صورته بثلاث سنات كما هم فى الاسم المنبئ عن مسماه، والسفر المنبئ عن معناه، والسفر المسفر عن أخلاق الرجال ونحو ذلك.

الشين:

والشنان والشباب والذى هو شعبة من الجنون والاشتعال، ويتضاعف بما يناسبه من الحروف كالغش والشغب والغشاوة والشغار والغشم ونحو ذلك.

الهاء:

معناه الباطن المجتمع لإظهار أمر غناء كما هو فى الظهور والطهور والهرب والهم وسائر الهويات المتوجه هويتها إلى ظاهرها.

الواو:

معناه العلو بالولاية الظاهرة لدى سلطنة أو علم كما هو فى الولاية والسمو والفوق واللواء والحول والقوة العليان على الكسب والمناوأة ونحو ذلك. وفى مقابلته الولاية باللطف والإضافة فى معنى الياء، وذلك أن الألف إذا ذهب النطق به على السواء فى هواء اللهات والفم تحقق ألفا، فإذا على به صار واوا، فإذا سفل به صار ياء. فلذلك هما منه، وتتحرك لهما المتحركات كما تتحرك له، وله الغلبة عليهما فينقلبان إليه بما منه من الفتح فى باب قال وباع وخاف ونحو ذلك.

الياء:

معناه قائم ملطف متنزل مع كل مقام كما هو محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولما فى قلبه من الرحمة، ولسانه من البيان الموفى كان يس اسمه. ولما فى الإضافة من العطف والرفق كان الياء اسم المضيف إلى نفسه فى نحو قول العلى، يا عبادى، وبى يسمع، وبى يبصر، ونحو ذلك.

لام ألف:

حرف خاص بمحمد صلى اللّه عليه وسلم لأنه الماحى. ومعنى لام ألف إذهاب كل موضوع ومحو ما سوى الحق المبين، واعتباره واستقراؤه أن" لا" مفهومها فى لسان العرب رفع الذوات إحالة نحو:" لا هام ولا عدوى‌ ولا طيرة" فى إطلاق الرفع والنفى، أو فى اختصاص مع إيجاب نحو:" لا اله إلا اللّه"،" ولا سيف إلا ذو الفقار" ولا فتى إلا على،" ولا صلاة لجار المسجد"،" ولا نكاح إلا بولى"، ونحو ذلك.

خاتمة:

فهذه معانى الحروف فى تفاهم الربانيين من الفهماء، بحيث يناسب كل حرف وجها من المسمى بحسب ما يظهر منه للمسمى عن فهم من عرب أو عجم أو حفظ عن آدم 7 المتكلم بكل لغة المسمى لكل مسمى، المعلم مواقع معانى الحروف من المسميات. وظهر ذلك فى خاصة ولده وعامتهم. كان رؤبة وأبوه العجاج يرتجلان اللغة ارتجالا. وكثيرا ما تلقيب العامة ونبزهم على نحو منه. وبذلك يظهر يقين الصحة فى قوله صلّى اللّه عليه وسلّم:

" لكل امرء من اسمه نصيب". وممن ذهب لذلك من علماء اللغة عبد الملك الأصمعى‌ وعباد الصيمرى‌. وفى استقراء ذلك فى جميع اللغات تجربة تعطى اليقين وتشهد بحكمة الواضعين، وإن اختصاص الاسم بمسماه ترجيح لمرجح يقتضيه الفهم ويوجبه العلم، حتى إن كل أمة تعلم جملة أحوالها من ابتداء كونها إلى انقضاء أمدها من اسم ربها عندها. فيعلم أن أمة تقول:" اللهم يتم أمرها بما يفيده معنى" الميمين" خفية وظهورا ويسهل توسلها فتوصلها بحسب تكرر" اللامين" وينتهى إلى غير غاية أمرها بحسب إقامة" الألف" وإطلاقه عن حدود سائر الحروف وصحة ابتدائها مما تفهمه" الهمزة" ابتداء ويجتمع أمرهم اجتماعا تظهر بركته بما تفهمه" الهاء" وفى مقابلتهم أمة تسمى ربها" خذاى" لما يفهمه" الذال" من ذلهم و" الخاء" من خراب أمرهم، وهم الفرس، إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده. وبما انختم به الاسم من" الألف والياء" أفهم عطفا باطنا عليهم، وإقامة غائبة لهم، وذلك واللّه أعلم بما ظهر فى نسائهم من أمومة الأمة بتسرى الحسين لملكتهم، فكان منه على بن الحسين وسائر الأئمة الحسينيين أبنائه وكذلك تفهم" ال" آذوناى عند بنى اسرائيل ذلهم بما ضرب عليهم من الذلة والمسكنة كما تفهم" الهمزة" ما كان من ابتداء الأمر و" الواو" ما كان لهم من الغلو بغير حق على النبيين و" النون" ما أوتوا من العلم بجزئيات الكائنات فى الماضين والغابرين كما تفهم" الألف والياء" اصطفاء باطنا وغائبا منهم كما للفرس فى اصطفاء سيدتهم الهاروتية لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وكذلك يفهم من اسم "واق" عند الحبشة علو متقدم من معنى" الواو"، واصطفاء متوسط من معنى" الألف" كما ظهر فى بلال‌ وأصحمه‌، وعلو وقهر فى انتهاء الأمر بما يفهمه" القاف" كما ينتظر من غلبتهم وخراب الكعبة على أيديهم قهرا بما يفهم من آخر الاسم وعلوا لبناء آخر الاسم على أوله حتى أن عسكر عيسى 7 الذى يبعث لهم يقبض كنفس واحدة دونهم فلا يهيضهم. وكذلك فى سائر أسماء اللّه عند الأمم لمن يتفهم ذلك ويستقرئه بما استفاد من اليقين.

وكذلك فى سائر الأسماء والمسميات فى جميع اللغات يختص كل اسم من الحروف بما يناسب أحوال تلك الأمة فى ذلك المسمى فى إدراكها له، وانتفاعها به، واستضرارها منه.

فلذلك تختص كل أمة فى اسم الشئ بغير ما تختص به الأخرى حتى ربما وقع اختلاف الاسم فى اللغة الواحدة لقبيلين أو سبطين، وأظهر ذلك فى أسماء الأشياء الكلية والعامة والعالية والأصول نحو أسماء مواضع تعظيم اللّه. فإن أمة سمى اللّه مصلاها" المساجد" يفهم من حروف ما اختصت به تمام أول من موجود حرف" الميم"، كما كان لها فى الابتداء: الْيَوْمَ‌ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌، وإسماع حسن بما يفهمه حرف" السين": وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا وانتهاء ذلك الإسماع إلى مطلق أمر اللّه بما يفهمه" الألف":

وَ أَنَّ إِلى‌ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‌، وتناقص ذلك بعد تمامها عقب الحروف العليّة الثلاثة من الحروف الدنا بما يفهمه حرف" الجيم" من الاجتماع فى المساجد الذى لم يبق فيها بعد الصدر الأول سواه خاليا عن كمل ذلك التمام واستماع الأحسن وإخلاص التوحيد للّه دون شوب حظ نفس، وملاحظة غير، وأن ذلك يدوم ظاهرا، وإن ما أفادته الحروف العلى الثلاثة يدوم أيضا باطنا لأن الحروف الدنا لا تذهب العلى ولكن قد تخفيها.

والذين سمى اللّه مصلاهم" البيع" تفهم" الباء" أساس أمرهم على سبب يقبل الضعف والتغيير، ويخفى ويقل حقه بما تفهمه" الياء"، ويكون ثباته فى العيان بما تفهمه العين. ولذلك العرب ومن كان منها بالإسلام من العجم، أمة يسمع علم سيرها الماضية، ونبأ أحوالها الآتية فى مساجدها. والروم ومن كان منها بالتنصر من العرب والحبشة وغيرهم، تعاين أعيان سيرها الماضية وأمثال أحوالها الآتية فى بيعها صورا لموقع" السين" فى المساجد، وموقع" العين" فى البيع وكذلك الأمر فيما تفهمه‌ حروف الصلوات فيما يختص باليهود وحروف الصوامع‌ فيما يختص بالرهبان ونحوه وما يفهم من حروف أسماء الملوك كالعرب تقول" الملك" حروفا على أو فارسى تقول" شاه" مبناه على حرف أدنى وهو" الشين" والروم تقول" الرى" مبناه على حرف التغيير والتطوير وهو" الراء" وهو من أدنى الحروف العلى ونحوه جار فى جميع ما حل أو دق من الأسماء والمسميات فى جميع اللغات حكمة بالغة من الذى علم آدم الأسماء كلها حتى أن الأعلام التى تضعها الآباء على أبنائهم لغير معنى يقصدونه لا تخلو من ذلك لأنه لا يكون شئ فى ملك اللّه إلا بعلمه وحكمته وهو العليم الحكيم واعلم أن الحروف العلى هى الحروف الأربعة عشر التى أنزلها اللّه سبحانه وتعالى فى كتابه تيجانا للسور التى افتتحت بها وتضمنت كل سورة معنى ما توجت به من الحروف وهى الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون وهذه الحروف هى حروف الحق تعالى تظهر بواديها منه تنزيلا وتطويرا وباقى الحروف الأربعة عشر هى الحروف الدنا وهى حروف الخلق ينشئ بواديها منهم حكمة له وحجة عليهم وهى الباء والتاء والثاء والجيم والخاء والدال والذال والزاى‌ والظاء والضاد والغين والفاء والشين والواو وأدنى هذه الدنا الحروف السبعة التى حميت منها الفاتحة أن تقع فيها وهى الثاء والجيم والخاء والزاى والظاء والفاء والشين وقد استغرقت الفاتحة الحروف العلى جميعا وشطر الحروف الدنا وأنزل فى الكتاب الأول أن من قرأ سورة بريئة من هذه الحروف السبعة التى هى أدنى أدنا حرم اللّه عليه النار وكتب هرقل إلى عمر رضى اللّه عنه يسأله عنها فاستخبر عنها عمر فأخبره بها أبىّ‌ فكتب بها عمر إلى هرقل‌ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ‌ إما خفية أو علنا وبذلك يعلم المستقرئ رتب الكلم باختصاصها بالعلى أو بالوسط أو بالدنا أو تركّبها منها على اختلاف ما يقع فى ابتداء الكلمة أو توسطها أو بالوسط أو بالدنا أو تركبها منها على اختلاف ما يقع فى ابتداء الكلمة أو توسطها أو انتهائها أصلا فى الكلمة أو زائدا ثابتا أو منقلبا ساكنا أو متحركا لسواء الألف أو علو الواو أو خفاء الياء منبئا عن الأمر أو عن الخلق‌ وليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو نور يضعه اللّه حيث يشاء يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ، وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلِيمٌ‌ .... والحمد للّه رب العالمين.


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!