المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب الياء وهو كتاب الهو
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
بِسْمِ الله اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
رب يسر خيرا الحمد لله حمد الضمائر، المخصوص بالسرائر، المؤثر فى الظواهر، والصلاة على محمد الداعى من مقام البصائر وعلى آله الاوائل والاواخر
اما بعد فهذا كتاب الياء وهو كتاب الهو كتبنا به الى اهل الاشارات والحقائق الذين ابصروا الحق فى العوائق والعلائق،
اعلموا وفقكم الله ان الهو كناية عن الاحدية ولهذا قيل فى النسب الالهى قل هو الله احد، فهى الذات المطلقة التى لا تدركها الوجوه بابصارها ولا العقول بافكارها، ومدرك الادراكات ذات التحول والصور، فما من مقام يكون فيه تجل من التجليات مثل تجلى الانا والانى والانت والك الا والهو مبطون فى ذلك التجلى فيقع الاخبار عما ظهر من هذه المقامات ويقع التنزيه على الذات المطلقة بالهو فالفهوانية لا تفارق الهو ابدا، وغير الفهوانية لا تعرف الهو، وانما تعرف الانى والانا والانت والك، فالعلماء بالله ما زالوا مربوطين بالهو فقالوا لا احصى ثناء عليك فانحجب الهو هنا بالك، انت كما اثنيت على نفسك وانحجب الهو هنا بالانت والك.
وقال الآخر العجز عن درك الادراك ادراك وهو انه ادرك انه لا يدرك فما ادرك ولو ادرك الهو لما كان الهو وانما يدرك ما سوى الهو بالهو.
وقال الآخر (اذا نحن اثنينا عليك بصالح)
فشاهد الك ثم قال فانت الذى نثنى-فشاهد الانت وجعله عين الثناء ثم قال وفوق الذى نثنى-فاظهر الهو بقوله وفوق يعنى وفوق الانا والانت واخواتهما، ثم اثبت بالياء من نثنى نفسه فبقى الهو من كل وجه غير معلوم ولا مدرك ولا مشهود ولا مشار اليه، فلا هو الا هو وما سوى الهو فهو فى الانا والانت واخواتهما، فسبحان من شرف الفهوانية بالهو، وحملها من بين سائر الادراكات لا اله الا هو، ولسريان الهو فى الموجودات اذ لا وجود لها الا بالهو ولا بقاء لها بعد الوجود الا بالهو، صار كل ما بعد الهو فى حكم البدل من الهو، وفى حكم عطف البيان اعنى يعطف عليه لبيان المراتب التى للهو لا الهو، والهو باق على اجماله وعزته فقال فى غير ما موضع (هُوَ الله اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ) فبدأ بالهو وختم بالهو واظهر بالهو مرتبة الالوهية. وقال (لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلرَّحْمنُ اَلرَّحِيمُ) وقال (هُوَ اَلْأَوَّلُ واَلْآخِرُ) وقال (لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ اَلْغَيْبِ) (هُوَ اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ) (هُوَ الله اَلْخالِقُ اَلْبارِئُ) فصارت الاسماء المذكورة بعد الهو تبين عن الهو ما يريد من الاحداث فى العالم خاصة فالاسماء كلها ترجمانات عن الهو والهو مكتنف بحجاب العزة الاحمى فى احديته وهويته، فلهذا جعلنا ما بعد الهو عطف بيان للمرتبة او بدلا مستخلفا فى المرتبة ايضا ولا يصح الهو لاحد الا للذات المطلقة الموصوفة بالاحدية، ولهذا خصت بالاحدية خصوصية ذات، فان كل ما سوى الله تعالى موجود مدرك لله ولبعضه اعنى لبعض ما سوى الله فهو فى الانت لا فى الهو.
ثم انه ليس فى الكنايات من يقرب من الهو الا الياء ولا سيما اذا اقترن معها الكلام من لى او الان من انى فللياء سلطان عظيم لا يقرب احد اليه الا حكم عليه، ولهذا اذا اراد الان ان يبقى على مرتبة ولا يتاثر يأخذ نون الوقاية فيجعلها مجنا بينه وبين الياء فيقع الاثر على نون الوقاية ويسلم الان فى قوله اننى فالنون الثانية نون الوقاية لا هى نون الحقيقة.
وكذلك الافعال فى ضربنى ويكرمنى فاكرمنى لو لا نون الوقاية لاثرت فى الافعال وهذا من قوة سلطانها وهو متوسطة بين الانا والهو، والانا ابعد من الهو منها فان الانا ليس له اثر ولكن الانا اقرب الى الهو من الانت والك، فالانت فى غاية البعد من الهو وبقى النحن والان فى تمييز مراتبهما من الهو مع الانا.
فاما الانا والان فهما ابعد من النحن مع الهو والنحن اقرب الى الهو من الانا والان فان النحن مجمل مثل الهو تفصله المراتب فهو اعنى فى المضمرات مثل الاسم الله فى الظاهرات فكلما لا يتقيد بمرتبة مخصوصة كذلك هذا الآخر الذى هو النحن والانا اقوى من الان لتأثير الياء فيه.
ولهذا لما اراد شرف المقام لموسى بالاصطفائية فظهر الأنا والان ادخل نون الوقاية حتى بقى الان سالما مثل الانا لتعلق المقام لموسى فيعظم الحق عنده لما لم يحصل فى انيته تأثير منه فقال جل من قائل (وأَنَا اِخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا الله) فسلمت بالانا الاول والانا الآخر اعنى بغايتهما من الاثر حين وقيت بالنون.
كذلك من طلب الانتساب اليه به وقى منه به اعنى طالب الانتساب فلم يتأثر واحتمى (ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ) فالنحن له القرب والهو له البعد، فان النحن ناب عنه حبل الوريد والحبل الوصل والهو بخلاف ذلك فهذا مراتب الكنايات قد بانت، ولها البناء وهو الثبوت وعدم التغير فلهذا استحقتها الالوهية اكثر من الاسماء والرب الذى هو الثابت وصف هذه الكنايات.
واما الظواهر يدخلها التغيير باختلاف المطالب والمراتب فلم تحم الاسماء نفسها كما حمت الكنايات فقالوا قال الله وعبدت الله وبسم الله فوقع التغيير كما ترى واختص الهو بخصوصية عجيبة، وهى ثبوته على باب واحد لا يتبدل فتقول عبدته واكرمه وشبه ذلك فلا يزول عن هذه المرتبة اذا تعلقت به الاكوان لبقائها فاذا لم تتعلق به فطلبها هو كان الهو فى مقام الرفعة والعزة كالانا والانت مع شرف هويته التى الانا والانت واخواتهما ليس عليه واما كناية ناونى وناوك فهى اقرب الى الهو من الانا والانت والان بل لو لا وجودهن فى الانا والانت والان ما صح لهم القرب من الهو وتفصيل هذا الباب يطول، قال واما مراتب الخلق فى هذه الكنايات فمختلفة باختلافها، واشرفهم من كان هجيره الهو فان بعض الناس ممن لم يعرف شرف الهو ولا الفرق بين ذات الصور والتحول والذات المطلقة جعل الانا اشرف الكنايات من اجل الاتحاد وما عرف ان الاتحاد محال اصلا وان المعنى الحاصل عندك من الذى تريد الاتحاد به هو الذى يقول انا فليس باتحاد اذن فانه الناطق منك لا انت فاذا قلت انا فانت لا هو فانك لا تخلو ان تقول انا بانانيتك او بانانيته.
فان قلتها بانانيتك فانت لا هو وان قلت بانانيته فما قلت فهو القائل انا بانانيته فلا اتحاد البتة لا من طريق المعنى ولا من طريق الصورة، فالقائل من العلماء انا لا يخلو اما ان يعرف الهو او لا يعرف فان عرف الهو فقوله انا على الصحو غير جائز وان لم يعرف تعين عليه الطلب واستغفر من انا استغفار المذنبين والهو اسلم بكل وجه وفى كل مقام للعالم والمحجوب واما الانت فاصعب من الانا واكثف حجابا وذلك لان الانت انما يتجلى على صورة العلم.
ولهذا ينكر الانت اذا لم يكن على صورة علم من تجلى اليه فهو مقام خطر فان الانا منه باق لولاه ما ثبت الانت والانت ينفى عنه الهو ومن انتفى عنه الهو خيف عليه فانه يحتاج صاحب الانت ان يكون من التنزيه بحيث ان لا يمسك صورة ويكون قد ارتفع عن درجة الخيال ثم عاين مراتب الغيب الكونى كلها وان الهو ليس كمثله شىء وحينئذ يسلم له تجلى الانت فان الحشوية والمجسمة واهل التشبيه تجليهم انما هو فى الانت ولكن ليس هو ذلك الانت المطلوب للمحققين وهذا موضع المكر والاستدراج نسأل الله الاخلاص.
واما كناية الواو من فعلوا فهى للنحن كالهو للذات سواء واما كناية نا فانه يقرب من الياء فى التأثير اذا كان الاثر له فى مثل قوله اكرمناكم وشبهه فاثرت فى الفعل وازالته عما وجب له من الثبات، واما اذا لم يكن له تأثير وكان غيره مؤثرا فيه لم يقو قوته وصار مثل انت فى قوله اكرمنا اذا اكرمه غيره لكن يقوى فى الغيب من جهة الشبه بالهو وقد ثبت شرف الهو على جميع الضمائر لشرف الذات المطلقة فكذلك ما يقرب منه وما من شىء من هذه الكنايات الاولها وجوه فى العلو ووجوه فى النزول واعلى شرفها اذا وقع الشبه بالهو.
واعلموا ان الهو تطلب الياء اكثر من سائر الكنايات فان الهو احد عشر وهو اسم الاحدية فالاحدية تطلب الاحد ويبقى وهو عشرة والهو لا يكون عشرة فلابد من الياء ولهذا يقول عن نفسه انى ولا يقول هو فيصير الان ليحقق الياء فالياء فهو انية للاحدية والهو فهوانية لنا والان موجود محقق مؤيد مطلوب لغيره وهو الياء ثم قد يكون الهو فهوانيا للاحدية اذا تجلى الانا على قدر علم المتجلى اليه كما قال تعالى (شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ) فالشهادة هنا لله وهو الجامع للاسماء كذلك الياء ذات الاحدية المطلقة ففى مثل هذا المقام يكون الهو فهو انيا له سبحانه، واما الياء فهوانية له حقيقة.
تتميم وتكملة
الها والهو والهى، فاما الهو فقد بان بانه من حيث هو الهو هو واما من هو حيث الهو ها
او هى فلا، فاما اذا كان الهو هى فلا يكون الا عند ايجاد الصورة المثلية فيكون
الهو فعلا والهى اهلا والها امرا جامعا بين الهو والهى كالسبب الرابط بين
المقدمتين التى تساق للانتاج فانها مركبة من ثلاثة فلابد من سبب رابط فقد
كان الهو ولا شىء معه والهو بما هو الهو لا يكون عنه وجود والهى بما هى الهى لا يكون عنها وجود والها
بما هى الها لا يكون عنها وجود وسبق العلم فى الياء من انى بالايجاد لتظهر حقائق
الاسماء فحرك الها الهو والهى فالتقى الهو مع الهى بالها فكان الوجود المحدث ولهذا كنى عن هذه الملاقاة بالحرفين وهما كن فقال (إِنَّما قَوْلُنا
لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ذلك
الشىء فالسببية التى ظهرت فى العين ليست هى السببية المتوجه عليها القول فالشىء هو
الهى واردناه هو الهو وان نقول هو الها وهو كن السبب الرابط فالكاف من كن هو
الهو والنون من كن هو الهى وكذا كانت دائرة والرابط المقدر بين الكاف والنون
هو الها وهو القول المستفاض على السنة المنطقيين بان امر الله بين الكاف والنون
فهذا مرتبة الها وقد نبهنا فى ابيات على الهو والها والهى وقلنا. نظم
انظر اذا
ما قلت هو او قلت ها وتفطن الخريت بى وتنبها وانا يولد منهما هى والذى
تعطى
انا تجد الدنى تالها
ما
ياء انى غير واو الهو ولا
هو
ذاته عند اللطائف والنهى
ان النهى معقولة بنفوسها وكذا النفوس بهو وهى عقلت وها
فاذا
دعاها السر فى غسق الدجى
ليحلها
بالعين من عقد اللها
قالت
انا محبوسة بدعائكم
ما
بين مبدأ جودكم والمنتهى وقد استوفينا الكلام فى هذا الفصل فى كتاب الالف والقاف وهو كتاب الياء وكان
ممن تحقق فى هذا المقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتمكنه فيه وكذلك
الاكابر من سادات هذا الطريق واكثر اهل الطريق عمى عليهم هذا المقام وتخيلوا انه
من مراتب النفس وهيهات وسر الوجود مرتبط فكيف يكون حجابا عنه وانما العوائد
تحجب وكذلك مشاركة الانقص فى الصورة وكذلك ما انكره الا من وقف مع الصورة والشهوة البهيمية ولو وقف مع حكمة الايجاد وسرعة زوال تلك اللذة كمشاهدة الذات ومنزلها من الانوار كالبرق عرف قدر ما هام فيه وما طلب وعالم الصور كامل فى نفسه والعالم لا ينظر فى الاشياء بغرضه ولا بما استقر فى عرف الوجود فحسب وانما ينظر
فى الاشياء بما هى الحقائق عليه وهو عزيز جدا ولقد تمنيت ان يحصل بيدى من يترك
النظر فى الاشياء بحكم الغرض والوضع وينظر فيها بما قلناه وما وجدناه حتى الآن وانا لا ازال متعوبا بما يرد على ولا اجد محلا اضعه فيه فلا
فهم ثاقب ولا تسليم كامل وهذه نفثة مصدور.
قال ثم اعلموا ان هذه الذات المطلقة الحقيقة اختصت بالهو وهو حرف سام شريف وحركته سامية شريفة اسرت به الاحدية على مراتب الحروف كلها حتى انتهت الى الواو الذى هو الآخر وكانت الها الاول فى الحروف فقد اعطت الاول والآخر واندرج فيها جميع مراتب الحروف فما من قوة فى حرف الا والها قد اخذتها فى هذا السرى واعطتها منحة الى الواو وبها انفتحت الواو من الهو والفتح عين الجود وباب الرحمة ولهذا جاء (ما يَفْتَحِ الله لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) فقرن الرحمة بالفتح.
فلعلك تقول فكيف تعمل فى قوله (حَتّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) قلنا ليس الامر كما توهمته فانه قد قرن الابلاس الذى هو البعد عند الفتح فرحمة الفتح اعطتهم البعد بذلك القدر فهم فى عذاب هو رحمة لمقارنة عذاب آخر وهذه عناية الفتح وانما الشديد قوله تعالى (وإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ) فاقترن بالها والهو والهى ثلاثة احرف هى من اشرف الحروف وهو الواو والالف والياء وهى حروف العلة والتشبيه وحروف التأثير واختصت الها بالالف من اجل الاحدية الذى تطلب الالف ولهذا كان الها السبب الرابط بين الهو والهى للنتاج وهو الفرد كما ذكرناه فى كتاب الالف وهو كتاب الاحدية فلينظر هناك.
ولما كان الواو رفيعا عليا لهذا جعلناه البعل وكان الهو بعلا ولما كان الهى رفيعا من حيث الاثر سفليا من اجل الكسر اعطيناه الياء وجعلناه الاهل فصار الها بمنزلة الرسالة وصار الهو بمنزلة جبريل عليه السلام المرسول اليه، فظهرت الاحكام والشرائع والمقامات والاسرار من هذا الالتحام المبارك السعيد وكذلك الالف من انا بين الهمزة والنون والياء من انى بين الهمزة والنون ونون الخيشوم من انت بين التاء والهمزة فانها ملحقة بهم اذا انت مشيت بها على اسلوب الهو وجدت الامر على السواء.
وشبه النون بالواو والياء اقوى من شبهها بالالف فان الألف لها الثبات لا تتحرك ابدا والواو والياء اذا لم يكونا فى مقام العلة تغيرا عن الثبات ولكن بالفتح خاصة فان الكسر والرفع لا يحتملانه البتة فاشبههما النون من هذا الوجه ومن وجه آخر.
وذلك ان النون نصف قطر كرة الواو والياء ضعفى النون فالنون على النصف من الياء اذا خطت الياء كذا (ى) والواو يزيد على النون بثلاثة ارباع ثم انها تشبهها فى الفهوانية وهى من عالم الروائح والانفاس فاشبهت الواو فى العلو والرفعة فلهذا لحقت بالالف والواو والياء ولقوة الشبه كانت دليلا على اعراب الافعال مثل هؤلاء فى الاسماء فى مثل يفعلون وتفعلون ويفعلان وتفعلان وتفعلين فالنون هنا بمنزلة الياء فى ابيك والواو فى هذا ابوك والالف فى قصدت اباك واخوات الاسماء المضافة والجمع المذكر السالم وتثنية الاسماء ثم انها تحذف لدخول العوامل كما تحذف الحركات لدخول العوامل فلهذا الشبه دخلت فى انت وقامت الانت مقام الواو فى الهو والالف فى الها والياء فى الهى فحقق نظرك فى هذا الكتاب فانه يلوح لك من ورائه اسرار رفيعة كثيرة سترها اهل طريقتنا غيرة منهم على الكشف وما لوحنا بهذا القدر منها الا عن غلبة.
نبذ من مناجاة الهو يا هو لما غيبتنا عناصرنا منا فى غيب فطعمنا من حيث غيبنا فيما غاب عنا منك حين نوه بما غاب عنا منك الهو فنادانا قف على ما غاب منك عنك، تعاين ما غاب عنك منا فطلبنا التاييد فايدت وطلبنا الامداد فامددت وطلبنا المعرفة بالدخول الى ذلك فعرفت فنهضنا فى بحر لا ساحل له فى الفلك المحمدى اليثربى فتعجبت حيتان البحر ودوابه منا حيث رفعنا شراعنا واستوفينا قلاعنا نطلب فيما لا آخر له وامد فيما لا امد له فنودينا يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا فنكصنا على اعقابنا للساحل الذى كان منه اقلاعنا فاذا به عاد بحرا فكان ادبارنا كاقبالنا نطلب ما لا امد له ولا ابد ولا اول ولا آخر فجزنا وطلبنا الا قالة فاذا بالهو ينادى يا عبادى طلبتم منى مقاما لا يرانى فيه غيرى كنت فى العمى ولا شىء معى وانا كما كنت لا شىء معى بوجودك وهذا البحر الذى انت فيه هو العمى الذى انت فيه فان قطعت عماك وصلت الى عماى وعماك لا تقطعه ابدا ولا تصل الى فانت فى عماك ليس معك شىء وهذا العمى هو الهو الذى لك فان الصورة اقتضت لك ما انت فيه فقلت يا هو الهو ما اصنع فى الهو قال غرق نفسك فيه فرميت نفسى من الفلك عريانا منسلخا من ظلمة ذلك الفلك فغرقت واسترحت فانا فيه لا ابرح فما انا فى الوجود غيرى واسترحت من هم الطلب فنادانى الهو يا من فيه كل شىء ما يصنع الشىء بالشىء وهو شىء، تنزل شريف.
للحق حق وللانسان انسان عند الوجود وللقرآن قرآن
وللعيان عيان فى الشهود كما عند المناجاة للاذان آذان
فانظر الينا بعين الجمع تحظ بنا فى الفرق فالزمه فالفرقان فرقان ومن مناجاة الانا ناديت يا انا فلم اسمع اجابة فخفت من الطرد فقلت يا انا لم لا تجيبنى كما فقال لى يا متناقض الحكم لو دعوتنى اجبتك وانما دعوت انايتك فاجب نفسك عنك فقلت يا انا انما قلت انا من حيث ان انا فى انا انا، كما ان الواحد فى الواحد هو الواحد قال صدقت فاجب نفسك عنى ولا تطلب منى الاجابة فقل لانايتك تجيبك وانا ما اظهر لك ابدا فى انا فلا تدعنى به فان الدعاء به هوس اذ الدعاء يؤذن بالفرقان والكثرة والانا يؤذن بجمع الجمع والاحدية فكيف تدعو بانا الم اقل لك كن حكيما ولا تكن كصاحب حال فان الحكيم حاكم وصاحب الحال محكوم تحت سلطان حاله فما لك لا تفهم (وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) .
ومن مناجاة الان يا انى قد تحققت بك منى فلا صبر لى عنى لما اصبت منى فى انى كأنك منك لم اطلبنى منى بانى لئلا تغار فتزول عنى الى فانه لا إن لى الانا بك وإنى بى ليس انى فان الان لك ولى بك لابى فقال الان صدقت فى بعض واخطأت فى بعض سلنى اعلمك فقلت يا انى علمنى قال لك ان حقيقة ولى ان حقيقة غير ان انك لا يثبت عند انى كما لا تعلم انى عند ظهور انك فلا نجتمع فى ظهور الانيتين ابدا، فاذا كنت فى انك فانا معك بحكم الامداد واذا كنت فيك بانى واذهبت انك ظهر عنك ما يظهر عنى فيتخيل الناظر ان المظهر عن انك وهو عنى انى فقد علمتك فاذا اردت انى فلا تبق لانيتك عينا فيك فمقامى مع الكيان محال.
ومن مناجاة الانت يا انت كانت الانانية والانية محققة، الواحدة بالفها والاخرى بتضاعفها فيها فجاءت بانيتك فاذهبت قوة انايتك وانيتك فضعفت وظهر سلطان بانيتك يا انت هل يصح من جهة الحقيقة لامن جهة الوضع ان تقول لى انت؟ فقال يا عجبا الست اذا قلت لى انت اليس باطنها تقول فيك انا عنك فانايتك الباطنة فى ظهور انيتى لابد ان اقول لها انت من جهة الحقيقة كما اذا قلت لك أنت اليست انايتى باطنة فى ظهور انينتك ونانينتك منى تقول لى انت وما بقى الشأن الا فى فعلت وأما انت فالوجود يقضى به فبانيتك صحيحة كنانيتى لا بد منها وانما الشأن فيما يضاف اليها فاما اضافة الانا فالان لها فصحيح هى واما ما عدا هذين فاستخرجه فانى لا اعلمه لك فطربت فقال لى ما اطربك فقلت قد اعلمتنى قال كيف-و هو اعلم-قلت فى قولك استخرجه قال الست تعرف ان لى مكرا قلت بلى قال فاياك ان يكون ذلك من مكرى فزال طربى فقلت يا انا وان كان مكرك حقا فالمجاز لا يدخل الحضرة قال صدقت وهذا هو الشان فابحث تجد قلت ان كنت الواهب قال الم اقل لا اعلمك قلت يا انت ما هذا ما قلت لك علمنى وانما قلت لك هب لى او اعطنى قال (وكانَ اَلْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) قلت يا انت من كنت انت فهوانيته من يقوم بحجته انت علمتنى الحقائق. قال واما الك فليس له مناجاة لكن يندرج فى الانت وان لم يقاومه كما يندرج النحن وواو الجمع فى الانا والهو وان كانت لكل واحد منها مراتب لكن الغرض من هذا الكتاب هذه الزبدة المختصرة التى ظهرت وقد نجز الغرض والحمد لله.
تم الكتاب
بعض كتب الشيخ الأكبر
[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]
شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:
[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]
شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:
[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]
بعض الكتب الأخرى:
[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]
بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:
[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]